[فصل: في الاعتراضات]
  الخف، فيقول الحنفي فيهما: فلا يكتفى بأقل قليل فيه كمسح الخف، صحح مذهبه(١) معترضاً به على الأول، وأبطل مذهب المعلل ابتداء صريحاً معترضاً به على الثاني.
  ومثال القلب لإبطال مذهب المعلل التزاماً قول الحنفي: بيع غير المرئي بيع معاوضة فيصح مع الجهل بأحد العوضين كالنكاح، فيقول الشافعي: فلا يثبت فيه خيار الرؤية كالنكاح، ووجه وروده أن من قال بصحته قال بخيار الرؤية،
= فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة. وأما مثال إبطال مذهب المستدل فمستقيم؛ لأن قول الحنفي: فلا يكتفى بأقل قليل مبطل لمذهب المستدل؛ لأن الشافعي يكتفي بالأقل. واعلم أنه لا بد في القلب بأقسامه من مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل؛ لأنك قد عرفت أن القلب قسم من هذا النوع السادس الذي حاصله دعوى المعترض أن الحكم في الفرع مخالف للحكم في الأصل، وبيان ذلك أن المستدل حين حاول إلحاق الاعتكاف بوقوف عرفة في عدم كونهما قربة[١] بجامع كونهما لبثاً فقد أثبت حكماً مماثلا لحكم الأصل، لكنه المعترض بين مخالفتهما بأن كون الاعتكاف ليس قربة بمجرده[٢] بل يشترط فيه الصوم، وكون الوقوف قربة مقرون بأنه لا يشترط فيه الصوم فيتخالفان، وكذا في مسح الرأس قصد المستدل تماثل الحكمين في الأصل والفرع؛ إذ معناهما في الأصل والفرع عدم الاكتفاء[٣] بالأقل، والمعترض بين مخالفتهما بأن معنى عدم الاكتفاء بالأقل الذي هو حكم الفرع هو التقدير بالربع، وفي الأصل وهو مسح الخف هو عدم التقدير بالربع، بل يشترط جميعه، هذا ما يمكن في بيان مخالفة الحكمين [في] هذا المثال الذي أورده المؤلف، وبيان مخالفتهما في مثال شرح المختصر ظاهر؛ وذلك أنه جعل مثال إبطال مذهب المستدل أن يقول الحنفي في أن مسح الرأس يقدر بالربع: عضو من أعضاء الوضوء فلا يكفي أقله كسائر الأعضاء، فيقول الشافعي: فلا يقدر بالربع كسائر الأعضاء، قال السعد: قصد المستدل تماثل الحكمين؛ إذ حقيقتهما عدم الاكتفاء بالأقل؛ إذ في مسح الرأس يقدر بالربع وفي سائر الأعضاء يشترط جميعها، والمعترض بين مخالفتهما بأن معنى الحكم في الفرع التقدير بالربع، وفي الأصل عدم التقدير به، بل لا بد من مسح جميع العضو. وبين المخالفة في مسألة بيع غير المرئي أن المستدل قصد تماثل الحكمين؛ إذ حقيقتهما الصحة مع الجهل بأحد العوضين، وقصد المعترض بيان مخالفتهما بأن الصحة في الفرع مقرونة بخيار الرؤية لا في الأصل.
(١) أما التصحيح فغير مسلم. (طبري).
[١] أي: بمجردهما، ولو صرح بهذا لكان أولى. (محمد بن زيد).
[٢] الظاهر في العبارة أن يقول: بأن كون الاعتكاف قربة بمجرده فلا يشترط فيه الصوم، وكون الوقوف قربة مقروناً بشيء آخر كاليوم مثلا فتأمله. (ح عن خط شيخه).
[٣] في المطبوع: والفرع والاكتفاء. والمثبت من حاشية السعد.