[الخلاف في تعبده ÷ وتعبد أمته بعد البعثة بشرع من قبله]
[الخلاف في تعبده ÷ وتعبد أمته بعد البعثة بشرع من قبله]
  (والخلاف) في تعبده ÷ وتعبد أمته بشرع من قبله من الأنبياء $ (بعد البعثة) واقع (كذلك) أي: كما وقع الخلاف في تعبده بشرع من قبله قبلها، فذهب الأكثر من أصحابنا والحنفية والشافعية أنه كان متعبداً بما صح له وعلمه من شرائع من قبله بطريق الوحي(١) أو التواتر، لا من جهة كتبهم ونقل أربابها؛
(١) قال في الثمرات في سورة البقرة في قوله تعالى: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٥٢}[البقرة]: الثمرة من ذلك أن توبة المرتد مقبولة، وذلك لأنهم ارتدوا بعبادتهم للعجل لما قال لهم السامري: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى}[طه: ٨٨]، وقد ذهب إلى هذا أكثر العلماء، ثم قال: لكن الاستدلال بهذه الآية على هذا الحكم مبني على أن شرائع من تقدمنا تلزمنا ما لم تنسخ عنا، وهذا ظاهر المذهب، نص عليه المؤيد بالله، واختاره المنصور بالله وابن الحاجب، وإليه ذهب بعض الحنفية وبعض الشافعية، وذهب بعضهم إلى أنا غير متعبدين بشرع من تقدم، واختاره الشيخ أبو الحسن والغزالي، وهكذا اختلفوا هل كان النبي ÷ متعبداً قبل البعثة بشيء من الشرائع أم لا؟ فأهل القول الأول يذهبون إلى أنه كان متعبداً بشرائع من تقدم من الأنبياء ومنهم من يقول: بشريعة موسى، ومنهم من يقول: بشريعة إبراهيم، وأهل القول الثاني يذهبون إلى أنه # لم يكن متعبداً بشريعة أحد ممن قبله من الأنبياء. حجة الأولين قوله تعالى عقيب ذكر الأنبياء: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام: ٨٠]، والاقتداء إنما يكون في الشرعيات، فأما في العقليات فالواجب الرجوع إلى دليل العقل، قالوا - يعني الآخرين -: أمره بهدى مضاف إلى جماعتهم، وذلك العدل والتوحيد. دليل آخر قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}[المائدة: ٤٩]، وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ}[المائدة: ٤٤]، وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٤٥}[المائدة]، بعد قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا}[المائدة: ٤٥]، وقوله تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}[لقمان: ١٥]، وقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى}[الشورى: ١٣]، وقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النحل: ١٢٣]، قالوا: أراد في أصول الدين؛ لأن الملة والدين يطلقان على ذلك، وروى أنه ÷ لما حكم بالقصاص في سن كسرت قال: «كتاب الله يقضي بذلك» وأراد قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}[المائدة: ٤٥]، وهذا إشارة إلى التوراة، وقوله ÷: =