[الخلاف في تعبده ÷ وتعبد أمته بعد البعثة بشرع من قبله]
  لأنهم حرفوا وأظهروا العداوة فلا يعتبر نقلهم، ولا نقل من أسلم منهم كعبدالله بن سلام وكعب الأحبار؛ لأنه عن كتبهم، والتحريف فيها من زمن داود وعيسى @؛ لقوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ..} الآية [المائدة: ٧٨]. وذهبت المعتزلة والأشاعرة والآمدي وبعض أئمتنا إلى المنع من ذلك.
  (المثبت لما تقدم) من الاحتجاج(١) على كونه عليه الصلاة والسلام متعبداً قبل البعثة، والأصل بقاء ما كان على ما كان(٢) لما مر في الاستصحاب (وللاستدلال بقوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ})(٣) [المائدة: ٤٥] على وجوب القصاص في ديننا، وهذا الاستدلال متفق عليه، والآية واردة في بني إسرائيل، فلولا أنه متعبد بشرع من قبله لما صح الاستدلال بوجوب القصاص في بني
(قوله): «لقوله: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}[المائدة: ٧٨] ... إلخ» فقوله: {بِمَا عَصَوْا} ظاهره العموم، فيدخل التحريف في ذلك الزمان.
(قوله): «في الاستصحاب» احتجاج المعتزلة[١] بالاستصحاب ينافي ما مر من عدم كونه دليلا عندهم.
= «من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»، وقرأ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ١٤}[طه]، وهذا أمر لموسى #، وروي أنه ÷ رجع إلى التوراة في رجم اليهودي قالوا: أراد # بقوله: «كتاب الله يقضي بذلك» {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ..} الآية [البقرة: ١٩٤]، والحديث الآخر أراد أنهم أمروا كما أمر موسى، وراجع التوراة في الرجم لتكذيبهم؛ لأنهم أنكروا الرجم. واحتج النافون بقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: ٤٨]، وبحديث معاذ فإنه لم يذكر الشرائع المتقدمة، وصوبه النبي ÷، وبأنه لم يكن يراجع التوراة ولا أمر بتعلمها، وبأن شرعه ÷ مضاف إليه.
(١) المشهور في وجه الاستدلال أن النبي ÷ تمسك بما في التوراة. وعدل المصنف إلى الإجماع لكونه قطعياً، ومع ذلك فإنما يقوم حجة على من ينكر كونه عليه الصلاة والسلام بعد البعثة متعبداً بشرع من قبله مطلقاً، سواء ثبت ذلك للنبي ÷ بطريق الوحي وذكره الله تعالى في القرءان أم لا. (سعد).
(٢) حتى يوجد النافي؛ إذ لا نزاع في مثل هذا الاستصحاب، فهذا يقوم حجة على القائلين بكونه متعبداً قبل البعثة وعلى الواقفين وعلى النافين جميعاً. (سعد).
(٣) وأجيب بأن الدليل إنما هو: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ..} الآية [البقرة: ١٧٨]. (جلال).
[١] المعتزلة مانعون فتأمل للشرح. (ح عن خط شيخه). وفي حاشية: كلام الشرح مستقيم؛ فإنه جعل هذا دليلا للقائل بالتعبد بشرع من قبله، وهو غير المعتزلة. (محمد بن زيد ح).