هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 576 - الجزء 3

  واعلم أن القائلين بوقوع الاجتهاد منه ÷ فريقان: فريق لم يجوز عليه الخطأ، وفريق جوزه ولكنه لا يقر عليه، بل ينبه، احتج الفريق الأول بأنه لو جاز الخطأ فيما أفتى به لكنا مأمورين باتباع الخطأ، وهو باطل، ورد بمنع البطلان، كما أمر العوام باتباع المجتهد ولو كان مخطئاً. والحل أن للحكم الخطأ جهتين: عدم مطابقته للواقع، وكونه مجتهداً فيه، والأمر به للثانية، فكما وجب العمل به على نفسه ولو كان خطأ يجب على متبعه أيضاً لذلك، على أن اتباعه إنما يجب فيما قرر عليه، ولا خطأ فيه.

  قالوا ثانياً: تجويز الخطأ يورث الشك فيقدح في مقصود البعثة، ورد بأنه لا يورثه بعد ثبوت الرسالة بتصديق المعجزة لوجوب اتباعه ولو خطأ، ولا سيما إذا علم أنه لا يقرر عليه بالإجماع.


(قوله): «فريقان» هذا الخلاف مبني على القول بالتخطية كما ذكره في الفصول، فأما على القول بالتصويب فلا خطأ، وهو ظاهر.

(قوله): «وفريق جوزه» لم يذكر المؤلف # خلافاً في جواز الخطأ مع تقريره ÷ لما في شرح المختصر للعلامة أن عدم جوازه متفق عليه، وإنما الخلاف مع عدم تقريره عليه.

(قوله): «ولكنه لا يقر عليه» بحيث يمضي زمان يمكن فيه اتباعه، بل يجب تنبيهه عليه قبل ذلك.

(قوله): «والحل» أي: حل شبهة الخصم بهدمها وإبطالها، وفي إبطال اللازم كما تقدم في حل الشبهة أيضاً.

(قوله): «والأمر به» أي: الأمر باتباع الخطأ «للثانية» أي: لأجل الجهة الثانية، أعني كونه مجتهداً فيه، فالأمر باتباعه لهذه الجهة لا من حيث كونه غير مطابق للواقع.

(قوله): «إنما يجب فيما قرر عليه» يعني إنما يمكن فيما قرر عليه، وهو غير ممكن؛ لأنك قد عرفت أن معنى عدم تقريره هو أن لا يمضي وقت يمكن فيه اتباعه، وحينئذ فلا يتصور وجوب اتباعه كما ذكره الأسنوي، هذا بيان ما هو المراد بهذا الجواب، فكان الأولى الاقتصار على قوله: إنما يجب فيما قرر عليه، فزيادة قوله: ولا خطأ فيه لا دخل لها في الجواب، والله أعلم.

(قوله): «يورث الشك» في قوله؛ لتردده بين الصواب والخطأ «فيقدح في مقصود البعثة» وهو الوثوق بما يقول: إنه حكم الله تعالى.

(قوله): «ورد بأنه» أي: تجويز الخطأ في الاجتهاد «لا يورثه» يعني لا يخل بمقصود البعثة، إنما يخل بها جواز الخطأ في الرسالة وما يبلغه من الوحي بأن يغير ويبدل، وانتفاؤه معلوم بدلالة تصديق المعجزة له، هكذا تقرير الجواب في شرح المختصر، فقول المؤلف #: لوجوب اتباعه ولو خطأ زيادة غير متعلقة بالمقصود.

(قوله): «ولا سيما إذا علم ... إلخ» يعني فإن الخطأ مع ذلك لا يورث قدحاً في مقصود البعثة.