هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 582 - الجزء 3

  فقال رسول ÷: «ما لك يا أبا قتادة» فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله، سلب ذلك القتيل عندي، فأرضه من حقه، فقال أبو بكر: لاها الله⁣(⁣١) إذاً لا يعمد⁣(⁣٢) إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله ÷: «صدق فأعطه إياه»، فأعطاني، فبعت الدرع فابتعت مخرفاً في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته⁣(⁣٣) في الإسلام (قلنا:) أبو بكر (إنما عمل بالنص) وهو قوله ÷: «من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه» لا بالاجتهاد، وهو ظاهر.

  احتج (الثاني) وهو القائل بعدم الوقوع: بأنه (لو وقع لنقل وعلم) يعني أنه لو ورد التعبد بالاجتهاد ووقع استعماله لوجب أن ينقل نقلاً شائعاً يقع به العلم، كما أن الصحابة لما تعبدوا به بعده ÷ ووقع منهم العمل به نقل ذلك نقلاً يوجب العلم (قلنا:) لزوم العلم بنقله (ممنوع) ولا يلزم مساواة اجتهاد المعاصر لغيره بالشيوع؛ لقلة الاجتهاد مع نزول الوحي، وكثرته وعموم الحاجة إليه مع انقطاعه، ولو سلم فقد علم؛ لأن خبر معاذ متلقى عند العلماء بالقبول.

  احتج (الثالث) وهو القائل بوقوعه من الغائب دون الحاضر - أما عدمه من


(قوله): «فأرضه من حقه» يحتمل من أجل حقه، أي: أرضه مما عندك من أجله، وفي السعد: وأرضه مني، وقيل: من حقه مما عندك له، ولا يخفى ما فيه.

(قوله): «لاها الله إذن» قال الخطابي: الصواب لا ها الله ذا بغير ألف قبل الذال، ومعناه لا والله، جعلت الهاء مكان الواو، أي: لا والله يكون ذا.

(قوله): «لا يعمد» أي: رسول الله ÷، والمراد بأسد من أسود الله أبو قتادة، وضمير يعطيك لرسول الله ÷.


(١) قال العلامة العضد بعد إيراد قول أبي بكر هذا: والكلام في هذه الصيغة إذاً تصحيف والصحيح: لاها الله ذا، وأن ثمة تقدير قد استوفي في فن آخر. اهـ كلامه. قال السعد: قوله: إذاً تصحيف إشارة إلى ما ذكره الخطابي، وقد نقله سيلان هنا.

(٢) يعمد بالياء والنون، وكذا فيعطيك، وهو ظاهر شرح مسلم.

(٣) هو بالثاء المثلثة بعد الألف، أي: اقتنيته وتأصلته، وأثلة الشيء: أصله. (من شرح مسلم).