هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 586 - الجزء 3

  منع امتناع اعتقاد النقيض دائماً، وإنما يمتنع حين هو معتقد لنقيضه، ورفعه ممكن بتصحيح النظر.

  هذا حكم المجتهد في اعتقاديات الأصول وقطعيات الفروع (و) أما (ظني الشرع) وهو الأحكام الشرعية الفرعية الاجتهادية فقد (قيل فيه بالتخطئة والتصويب) فقال الأشعري والباقلاني وابن سريج وأبو يوسف ومحمد: إن كل مجتهد مصيب⁣(⁣١)، وقال الجمهور بوحدة الحق وتخطئة البعض، وعليه المتأخرون


(قوله): «وهو الأحكام الشرعية» يلزم الدور من ذكر قيد الشرعية في تعريف ظني الشرع، وقد ذكره في شرح المختصر ولكن لم يجعله مذكوراً في التعريف.

(قوله): «الفرعية» هذا القيد لإخراج المسائل الاعتقادية الأصلية من الكلامية والأصولية سواء كانت قطعية أو ظنية. وقوله: «الاجتهادية» لإخراج المسائل الفقهية القطعية، ويخرج به أيضاً ما كان من المسائل الاعتقادية الفرعية قطعية أو ظنية؛ إذ لا يجري فيها الاجتهاد كما ذكرناه في أول باب الاجتهاد، وقد حذف في شرح المختصر في أول باب الاجتهاد قيد الفرعية وأورده هاهنا، فينظر في الفرق بين المقامين، وأما المؤلف # فأورده في المقامين، وقد سبق تحقيق الكلام في أول باب الاجتهاد.

(قوله): «فقال الأشعري ... إلخ» قد استشكل مذهب الأشعري؛ لأن الحكم قديم عنده، فكيف يذهب إلى التصويب المبتني على أن لا حكم فيها قبل الاجتهاد؟ ولذا قال الشيرازي: يقال: إن هذه نفثة اعتزال بقيت في أبي الحسن، وقد أجاب عن ذلك في حواشي المختصر بأن المراد أن حكم الله قبل اجتهاد المجتهد ليس واحداً معنياً، بل له أحكام مختلفة بالنسبة إلى المجتهدين، يظهر بالاجتهاد ما هو الحكم بالنسبة إلى كل منهم.

(قوله): «أن كل مجتهد مصيب» بمعنى أن لا حكم لله فيها معيناً، بل حكم الله تعالى تابع لظن المجتهد، كذا في شرح المختصر والفصول والمنهاج، وهذا التفسير اتفاق بين أهل التصويب غير مختص بمن نفى الأشبه.


(١) وهو قول أبي علي وأبي هاشم وقاضي القضاة وأبي الهذيل، ومن أهل البيت المؤيد بالله وأبو طالب وأبو عبدالله بن الداعي وأحمد بن سليمان والمنصور بالله، والمهدي أحمد بن الحسين، والأمير الحسين، والإمام يحيى بن حمزة، والإمام المهدي، والسيد صارم الدين، وغيرهم.

(*) قال مؤلف العواصم في تلخيص هذه المسألة ما لفظه: إنما قيل بتصويب المجتهدين كلهم بالنظر إلى مطلوب الرب سبحانه وتعالى منهم؛ لأنه سبحانه إنما طلب منهم أن يجتهدوا في طلب الصواب لا في إصابته، كما طلب من رماة المجاهدين أن يجتهدوا في إصابة الكفار، ولم يطلب منهم أن يصيبوا في رميهم، وذلك من عدل الله سبحانه ورحمته حيث علم أنه لا طريق لهم ولا طاقة سوى الطلب، فقد أصابوا مراد الله تعالى، وهو الاجتهاد في الإصابة، وإن لم يصيبوا مطلوبهم الذي هو الإصابة، فالذي تحرى القبلة كالذي يرمي الكفار في الجهاد يصيب ويخطي، وهو في إصابته وخطئه مصيب لمراد الله تعالى في طلب الصواب، =