هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 587 - الجزء 3

  من الحنفية والشافعية والمالكية، وقال ابن السمعاني: إنه ظاهر مذهب الشافعي، ومن حكى عنه غيره فقد أخطأ، وبه قال والدنا المنصور بالله #، وهو الذي نختار، والقائلون بالتصويب منهم من قال به (مع⁣(⁣١) الأشبه) وهو ما لو حكم الله تعالى لم يحكم إلا به، فمخطيه مصيب مخالف للأشبه، وربما عبروا عن ذلك بأنه مخطي في الانتهاء لا في الابتداء⁣(⁣٢)، وهذا قول ابن سريج وأبي يوسف ومحمد


(قوله): «وربما عبروا عن ذلك» أي: عن مخالف الأشبه.

(قوله): «في الانتهاء» أي: انتهاء بحثه ونظره لعدم إصابة الأشبه «لا في الابتداء» أي: أول اجتهاده وبحثه عن الأشبه.

(قوله): «وهذا قول ابن سريج» أي: القول بالأشبه. لا يقال: القول الأشبه قول بأن الحق واحد فيلزم التخطئة لأنا نقول: القائل بأن الحق واحد يقول: حكم الله معين، وما عداه خطأ، ومن قال بالأشبه قال: ما عداه صواب أيضاً، هذا معنى ما في حواشي الفصول.


= فبان أن ههنا مطلوبين اثنين: أحدهما: لله تعالى، وهو طلب الإصابة للحق لا سوى، وثانيهما: مطلوب المجتهد، وهو إصابة عين ذلك الحق المشروع المطلوب كالكعبة في تحري القبلة، والخطأ الذي يطلق على المجتهد بل على المعصوم هو الخطأ الذي نقيضه الإصابة، كخطأ الرامي للكافر مع أنه مصيب لمراد الله تعالى في رميه، لا الخطأ الذي نقيضه الصواب كفعل المحرمات، فأما القول بأنه لا مطلوب متعين فمحال؛ لأن الطلب يفتقر إلى مطلوب سابق للطلب يتعلق به الظن، كالكعبة في تحري القبلة، وهذا التلخيص مما ألهم الله سبحانه إليه، ولم أقف عليه لأحد من العلماء، ولا عرضته على أحد ممن عرفت لهم معارضاً في⁣[⁣١] هذه المسألة إلا استجاده؛ لتقريره لأدلة الفريقين، ودفعه لما أورد بعضهم على بعض من الإشكالات الضعيفة⁣[⁣٢]، ولله الحمد والمنة، ثم إني وقفت عليه بعد مدة طويلة اختياراً للعلامة محمد بن جرير الطبري، رواه عنه ابن بطال في أواخر شرح صحيح البخاري، فعرفت ما كنت أظنه من أن مثل هذا في وضوحه لا يخلو من قائل يقول به. قال في المنقول منه: اهـ ما وجدته من خطه.

(١) قولهم بوجود. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر).

(٢) في المطبوع: لا بالابتداء.


[١] في العواصم: ولا عرضته على من عرف معارضاتهم.

[٢] في العواصم: الصعبة.