[تعريف الاجتهاد]
  في الأحكام التي لا يستمر حكمها(١) لا حكم له فيما قد مضى منها (و) المختار الذي عليه الجمهور أن (رجوعه) أي: المجتهد (في دائم الحكم) أي: ما يستمر حكمه تحليلاً وتحريماً وإجزاء نحو أن يطلق زوجته ثلاثاً من دون تخلل رجعة وهو يرى أن الطلاق لا يتبع الطلاق، فراجعها ثم تغير اجتهاده إلى أن الطلاق يتبع الطلاق، ونحو أن يرى أن الخلع فسخ، فنكح امرأة كان قد خالعها ثلاثاً، ثم تغير اجتهاده إلى أن الخلع طلاق (أو) في (واجب القضاء) نحو أن يسافر بريداً وهو يرى وجوب القصر فيه، ثم رأى بعد خروج وقت الصلاة وقبل فعلها أن ذلك لا يوجب القصر (نقض للأول) من الاجتهادين من حينه لا من أصله، فلا يعيد ما فعله بالاجتهاد الأول ولا يعاقب عليه قبل تغير الاجتهاد،
(قوله): «التي لا يستمر حكمها» وذلك كالحج.
(قوله): «لا حكم له» بمعنى أنه لا يلزم إعادة ما قد فعله بالاجتهاد الأول.
(قوله): «فيما قد مضى» أي: فيما قد نفذ.
(قوله): «ورجوعه» مبتدأ، خبره قوله: نقض.
(قوله): «وقبل فعلها» سيأتي قريباً قول المؤلف # فلا يعيد ما فعله، فلو قال: أو قبل فعلها لكان أولى.
(١) وذلك حيث لا ثمرة له مستدامة كالحج، فإنه حكم لا ثمرة له مستدامة، بمعنى أنه لا يتكرر، فلا يلزم المجتهد ومن قلده إعادة ما فعلوا بالاجتهاد الأول، مثاله لو كان مذهب المجتهد أن الوطء بعد الوقوف وقبل الرمي لا يفسد، ثم حج ووطئ كذلك، ثم تغير اجتهاده الأول إلى أن ذلك يفسد، فإنه لا يجب عليه الإعادة، وكذا من قلده، ولا يعيد ما قد صلى، ولا ما قد أخرجه من الزكاة، وأما ما لم يفعل من الأحكام التي اجتهد فيها حتى رجع عن ذلك الاجتهاد ووقته باق نحو أن يرى أن مسافة القصر ثلاث بعد أن كانت عنده بريداً، ولما يصل والوقت باق، أو قد فعل ذلك الحكم الذي رجع عن اجتهاده فيه ولما لم يفعل المقصود به، نحو أن يتوضأ من غير ترتيب أو من دون نية وهو يرى جواز ذلك، ثم تغير اجتهاده إلى وجوب ذلك قبل أن يصلي فيعمل بالاجتهاد الثاني في الصورتين، فيصلي ثانياً، ويعيد الوضوء، وكذلك من تغير اجتهاده وهو في حال الفعل فإنه يعمل في المستقبل بالثاني، وفي الماضي بالأول، نحو أن يتغير اجتهاده وهو في حال الصلاة إلى وجوب قراءة أو اعتدال أو نحو ذلك، فإنه يعمل فيما بقي بالاجتهاد الثاني، والله أعلم. (من شرح ابن حميد على مقدمة الأثمار).