هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 621 - الجزء 3

  يا راكباً إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق

  أبلغ بها ميتاً بأن تحية ... ما إن تزال بها الركائب تخفق

  مني إليه وعبرة مسفوحة ... جادت بمائحها وأخرى تخنق⁣(⁣١)

  هل يسمعن النضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميت لا ينطق

  أمحمد يا خير نجل كريمة ... من قومها والفحل فحل معرق

  ما كان ضرك لو مننت وربما ... منَّ الفتى وهو المغيظ المحنق

  أو كنت قابل فدية فلينفقن ... بأعز ما يغلو به ما ينفق


(قوله): «أن الأثيل إلى آخر الأبيات» الأثيل: موضع فيه قبر النضر، ومظنة الشيء: موضعه الذي يظن كونه فيه. من صبح خامسة: الظاهر أن المراد أن هذا الموضع مظنة للوصول إليه من صبح ليلة خامس من ابتداء سيره، ومفعول بلغ محذوف، أي: تحية، يدل عليه قوله: فإن تحية. ومتى: متعلق بتحية، ضمير إليه للنضر المدلول عليه بالأثيل؛ لأنه موضع قبره. وما إن تزال: خبر إن⁣[⁣١] في فإن تحية، وإن: في ما إن تزال زائدة. وتحقق: من حققت الرحل وأحققته إذا أثبته. والمائح⁣[⁣٢]: الذي ينزل البئر فيملأ الدلو والمراد هنا قاصد الدمع. وأخرى تخفق أي: وعبرة أخرى تغيب لا تجود بمائجها، من خفقت النجوم خفوقاً أي: غابت، والنون في فلتسمعن: للتأكيد، والقسم محذوف، أي: والله. والنجل: النسل، والنجيب: الكريم بيِّن الكرامة، وفي قومهما: متعلق بتحية، والمراد بالفحل الأب، ومعرق بالعين المهملة: أي عريق في الإصالة والكرم، والغيظ: غضب كامن للعاجز، يقال: غاظه فهو مغيظ، وأحنقه فهو محنق. وإنما كان من بنى أبيه لأنه كان من قريش. ناشه ينوشه: تناوله ليأخذه برأسه ولحيته، وشققت الخطب فتشقق، والمعنى: يا راكباً إن الأثيل الذي فيه قبر النضر منزل ينزل فيه السائر من صبح ليلة خامسة من ابتداء السير إلى الأثيل وأنت موفق للتبليغ، بلغ ميتاً فيه تحية وسلاماً كائنين مني إليه وعبرة مسفوحة جادت لقاصدها وعبرة أخرى تغيب فلم تجد، فإن تحية وسلاما ما تزال الركائب ذاهبات بها فوالله ليسمعن النضر إن كان ليسمع ميت وينطق، ظلت سيوف بني أبيه تناوله، لله أرحام هناك تشقق وتقطع لأجل الرحم، يا محمد أنت نسل امرأة كريمة بينة الكرامة في قومها، والفحل فحل عريق في الأصالة والكرم، أي: أنت كريم الطرفين. ونونت المنادى ضرورة، أي: أي شيء ضرك لو أحسنت وعفوت، والفتى وإن كان مضجراً منطوياً على حقد وعداوة قد يمن ويعفو، والنضر أقرب من أصيب وأحقهم إن كان عتق يعتق، أي: يعفى عنه.


(١) «بمائحها»: في المخطوطات: بواكفها. «تخنق»: في المخطوطات والمطبوع: تخفق، والمثبت من سيرة ابن هشام.


[١] الظاهر أن قوله: بأن تحية مفعول بزيادة الباء، وقوله: ما إن تزال خبر أن فتأمل. (ح عن خط شيخه). ويمكن أن يكون مني صفة تحية وما إن تزال خبر إن.

[٢] وفي نسخة في الشرح: بواكفها، والواكف كما في المصباح السائل قليلا قليلا.