[التقليد في الأحكام الشرعية الفرعية]
  الاجتهاد فرض كفاية، ولأنه في زماننا لا بد أن يعلم علوماً كثيرة يضيق عنها وقت الواقعة، فلم يبق إلا التقليد، ولا ينقضان بوجوب معرفة أدلة العقليات؛ لما مر أن المعرفة الإجمالية المحصلة للطمأنينة كافية في ذلك، وأما هنا فتحتاج إلى تفصيل كثير وبحث غزير.
  وحجة الجمهور على الجبائي: أن الفرق يقتضي أن يحصل العامي درجة الاجتهاد ثم يقلد؛ إذ لا يميز بينهما سوى المجتهد.
  (قيل) في الاحتجاج لمذهب المانعين: التقليد (يوجب اتباع الخطأ) بيان ذلك: أن الخطأ من المجتهد جائز وقوعه، وعلى تقدير وقوعه يجب اتباعه (قلنا(١): و) الخطأ أيضاً جائز (مع) إبداء (المستند) من المجتهد للمقلد؛ لكون البيان ظنياً، وأنتم تقولون بأن المجتهد لو أبدى لغيره مستنده وجب على الغير اتباعه، وكذلك المجتهد يجب عليه مع احتمال الخطأ، فما هو جوابكم فهو جوابنا (والحق أن) الحكم المجتهد فيه متصف بأنه مظنون وبأنه خطأ على التقدير، فكان (الوجوب) لاتباعه (لكونه مظنوناً) وأما من حيث إنه خطأ فاتباعه حرام، ولا امتناع في ذلك(٢)، وإنما الممتنع اتباع الخطأ من حيث إنه خطأ كما
(قوله): «ولا ينقضان» أي: هذان الاستدلالان، وهما منعهم عن الاشتغال ... إلخ والاشتغال بعلوم ... إلخ.
(قوله): «إذ لا يميز بينهما» أي: بين المسائل الاجتهادية والقطعية، يعني لا يميز تمييزاً من دون تقليد إلا المجتهد.
(قوله): «يجب عليه» أي: اتباع اجتهاده.
(قوله): «فما هو جوابكم ... إلخ» لما كان هذا الجواب إلزامياً أشار إلى الحل بقوله: والحق ... إلخ.
(١) في المختصر وغيره من كتب الأصول قول ثالث للقولين اللذين ذكرهما المؤلف آنفاً في سرد الأقوال في التقليد لم يذكره، وهو وجوبه على غير المجتهد بشرط إبداء المجتهد له مستنده، ولا يخفى أن هذا الجواب إنما يحسن أن يكون عليه؛ لقوله فيه: ومع إبداء المستند؛ إذ لا ذكر للمستند في القولين اللذين ذكرهما، فكان عليه ذكر هذا القول ليطابقه الجواب.
(٢) لأنه في قوة قولنا: هو الظان فيجب اتباعه؛ لأنه ظان، هو المخطئ فلا يجب اتباعه؛ لأنه مخطئ. (منتخب).