هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في بيان المفتي وما يشترط فيه]

صفحة 636 - الجزء 3

[مسألة: في بيان المفتي وما يشترط فيه]

  (مسألة: المفتي الفقيه) وهو من قام به الفقه، وقد تقدم تعريفه (ولا بد من معرفة علمه وعدالته)، يعني: أن المستفتي لا بد أن يعلم أو يظن علم المفتي وعدالته (تصريحاً وتأويلاً) فلا يستفتي فاسق التصريح اتفاقاً؛ لعدم الثقة، ولا المتأول؛ لأنه إذا أخطأ في الأدلة القطعية كان أولى أن يخطئ في الأمارات؛ لكونها أخفى من الأدلة [القطعية]⁣(⁣١) فيقوى الظن بخطئه فيها، ولا يجوز العمل بما ظن خطؤه، وقال الكعبي: يجوز استفتاؤه؛ لأن تحاشيه عن الكذب والخطأ واعتقاده لقبح ذلك يحصل الظن بصدقه، قلنا: إن سلم فإنما يحصل الظن بمطابقة خبره لاعتقاده، وأما ظن إصابته للحكم مع العلم بخطائه في القطعيات فبعيد حصوله.

  ومعرفة علمه وعدالته بالخبرة أو بالشهرة⁣(⁣٢) بذلك (ولو بانتصابه) للفتوى⁣(⁣٣) بين الناس إذا كان انتصابه (بلا قدح) من (معتد به) فأما إذا قدح من يعتد به من أهل العلم والورع في ذلك المنتصب لم يحصل الظن بعدالته، فلا يجوز


(قوله): «تصريحاً وتأويلاً» في هذه العبارة كلام يؤخذ من حواشي مقدمة الأزهار⁣[⁣١] إن شاء الله تعالى.


(١) ما بين المعقوفين من المطبوع.

(٢) وشرط الإسفرائيني تواتر الخبر بكونه مجتهداً، ورده الغزالي بأن التواتر يفيد في المحسوسات، وهذا ليس منها، ويكفي الاستفاضة بين الناس، وقال القاضي: يكفيه أن يخبره عدلان بأنه مفت⁣[⁣٢]، وجزم أبو إسحاق الإسفرائيني بأنه يكفيه خبر الواحد العدل عن فقهه وأمانته؛ لأن طريقه طريق الأخبار، والمختار في الفتيا الاعتماد على قوله: إني مفت بشرط ظهور ورعه، قيل: وهذا أصح المذاهب، وقيل غير ذلك. (شرح تحرير).

(٣) في القاموس: والفتيا والفتوى وتفتح: ما أفتى⁣[⁣٣] به الفقيه.


[١] لفظه: قوله: تصريحاً وتأويلا عائد إلى المفهوم، فكأنه قال: لا فاسق تصريحاً وتأويلاً، وأما العدالة فلا تنقسم إلى تصريح وتأويل.

[٢] في المطبوع: بأنه ثقة. والمثبت من شرح التحرير.

[٣] في المطبوع: ما يفتى. والمثبت من القاموس.