[مسألة: في بيان المفتي وما يشترط فيه]
  الأخذ بفتواه، اللهم إلا أن يعارض قدح القادح خبر من مثله بعدالة المنتصب رجع إلى الترجيح. وأما قدح من لا يعتد به فغير ضائر.
  إذا تقرر ذلك (فلا) يجوز أن يستفتى من يظن فيه انتفاء العلم والعدالة أو أحدهما اتفاقاً؛ ولا أن (يستفتى المجهول) علمه وعدالته أو أحدهما (في الأصح) وقالت الحنفية بجواز استفتاء(١) مجهول العدالة فقط، وقيل: يجوز استفتاء المجهول علمه.
  احتج المانعون بما أشار إليه بقوله: (لعدم الظن) بصحة فتواه، بيان ذلك: أما في مجهولهما معاً فلأنهما شرطان، والأصل عدمهما(٢)؛ ولأن الغالب على الناس التجاري على مقتضيات السمو والرفعة وعدم التحري والتثبت وأما في مجهول
(١) وفي نسخة: أن يستفتى.
(*) في التحرير وشرحه ما لفظه: (وعلى امتناعه) أي: انعقد الإجماع على امتناعه أي: الاستفتاء، معطوف على حل الاستفتاء (إن ظن) المستفتي (عدم أحدهما) أي: الاجتهاد والعدالة فضلاً عن ظن عدمهما معاً، فالصورتان كلاهما محل اتفاق (فإن جهل اجتهاده دون عدالته فالمختار منع استفتائه) ونقل في المحصول الاتفاق عليه، وغير المختار جواز استفتائه (لنا) في المختار (الاجتهاد شرط) في الإفتاء وقبول فتواه (ولا بد من ثبوته عند السائل ولو) كان الثبوت (ظناً) أي: ظنياً (لم يثبت) والمشروط ينتفي بانتفاء الشرط، ثم ساق مثال هذه الأدلة التي هنا وزيادة حتى قال: (قالوا) أي: القائلون بعدم الامتناع (لو امتنع) الاستفتاء فيمن جهل اجتهاده دون عدالته (امتنع فيمن علم اجتهاده دون عدالته) بمثل ما ذكرتم من اشتراط العدالة، وأن الأصل عدمها، والأكثر في المجتهدين عدمها (أجيب بالتزامه) أي: الامتناع في هذا أيضاً (لاحتمال الكذب) تعليل لالتزام امتناع الاستفتاء في المجهول عدالته، فإن الكذب في المجتهد غير نادر وإن كان غيره من الفسوق نادراً فيه (ولو سلم عدم امتناعه فالفرق) بين مجهول الاجتهاد ومجهول العدالة (أن الغالب في المجتهدين العدالة، فالإلحاق) أي: إلحاق مجهول العدالة (به) أي: بالغالب في المجتهدين (أرجح منه) أي: من الإلحاق (بالأصل) في الأشياء، وهو العدم؛ لأن الاستصحاب دليل ضعيف (بخلاف الاجتهاد؛ إذ ليس) الاجتهاد (بغالب في أهل العلم في الجملة) أي: أهل العلم ببعض العلوم. انتهى باختصار منهما، وبه تبين أن المختار عند الحنفية الامتناع.
(٢) لأن الأصل في الأشياء العدم، والوجود طار. (شرح تحرير).