هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[التقليد]

صفحة 638 - الجزء 3

  العلم وحده فلأن غلبة الجهالة على الناس توجب الظن بانتفاء العلم، وظن انتفائه يحصل الظن بعدم صحة الفتوى. قالوا: ظاهره السلامة فلا يفتي إلا بما يعلم، قلنا: معارض بظهور الجهل لغلبته⁣(⁣١) كما تقدم.

  وأما في مجهول العدالة فلأن الأكثر غير عدل؛ ولذلك لم تقبل شهادة مجهول العدالة ولا روايته، قالوا: الغالب في المجتهدين العدالة، قلنا: لا نسلم.

  (و) اختلف (في) جواز (إفتاء غيره) أي: غير المجتهد بمذهب مجتهد⁣(⁣٢) على أربعة أقوال: أولها: (الجواز) مطلقاً، وإليه ذهب الإمام الرازي، ومعنى الإفتاء عنده أعم من الاستنباط والحكاية؛ وذلك (لأنه ناقل) فلا فرق بين العالم وغيره كالأحاديث.

  (و) الجواب: أن ما ذكرتموه (هو غير النزاع) فإن الكلام ليس فيمن ينقل عن المجتهد حكماً؛ للاتفاق على أنه إنما يعتبر في الناقل شرائط الراوي التي تقدمت، وإنما الكلام فيما هو المتعارف من الإفتاء⁣(⁣٣) في المذهب لا بطريق نقل كلام الإمام.

  (و) ثانيها: الجواز (في مجتهد المذهب)⁣(⁣٤) وهو من له ملكة الاقتدار على


(١) كما قيل:

تسعة أعشار من ترى بقر ... لا تخدعنك اللحى والصور

(٢) أي: بقياس مذهبه، لا بنصه فلا نزاع فيه. (جلال).

(٣) في شرح جحاف: وإنما الكلام في التفريع على نصوص المجتهد، وذلك غير النقل. اهـ بالمعنى.

(٤) إن كان المخرج مطلعاً على المأخذ، أي: على دليل المجتهد وعلة حكمه المقيس عليه، وكان القائس أهلاً للنظر، لا الأهلية الكاملة، وإلا كان مجتهداً، وهو خلاف المفروض، بل أن يكون عالماً بمذهب المجتهد في أحكام المفاهيم وأحكام العلة ليصح⁣[⁣١] له نسبة حكم المفهوم إليه، ونسبة إيجاب الحكم في الفرع المقيس على نصه إليه، لعلمه بالعلة التي يركب المجتهد عليها حكمه، وإذا كان غير المجتهد المطلق بهذه الصفة فإنه جائز له أن ينسب الحكم الذي لم ينص المجتهد عليه إليه؛ لحصول شرائط صحة نسبته إليه. (مختصر وشرح الجلال عليه). وقد أشار المؤلف إليها هنا، وفي هذا النقل تصريح بكثير من شرائط مجتهد المذهب وتوضيح له.


[١] في المطبوع: لتتضح. والمثبت من شرح الجلال.