[التقليد]
  استنباط الفروع من الأصول التي مهدها الإمام(١)، فهو في المذهب بمنزلة المجتهد المطلق، فمن كان له ذلك فله الفتوى تمييزاً له عن العامي، وإلى هذا ذهب الآمدي وابن الحاجب(٢) وغيرهما، واختاره الإمام المهدي #؛ وذلك (للإجماع فيه) خاصة دون العامي. بيان ذلك: أنه تكرر الإفتاء من العلماء الذين ليسوا بمجتهدين في جميع الأعصار والأمصار من غير إنكار(٣).
  (و) ثالثها: جواز إفتاء مجتهد المذهب (مع عدمه) أي: المجتهد المطلق (للضرورة) أما مع وجود المجتهد المطلق فلا يجوز؛ لكونه عملاً بالأضعف مع إمكان الأقوى.
(قوله): «وإلى هذا ذهب الآمدي» حيث قال: والمختار أنه إن كان مجتهداً في المذهب بحيث يكون مطلعاً على مأخذ المجتهد المطلق الذي يقلده وهو قادر على التفريع على قواعد إمامه متمكن من الفرق والجمع والنظر والمناظرة في ذلك كان له الفتوى؛ تمييزاً له عن العامي. قلت: وهذا هو الذي قصده صاحب الفصول بقوله المتبحر في نصوص إمامه. ولشارحه السيد المحقق الجلال في هذا المقام اعتراض، وهو أن نصوص إمامه تراكيب تشتمل من المباحث على جميع ما تشتمل عليه تراكيب الشارع، فإن كان معنى تبحره في معرفته لجميع أحوال التراكيب من الحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد والمنطوق والمفهوم وغير ذلك فذلك مجتهد مطلق، وإن كان معنى تبحره مجرد العلم بالمفاهيم من نصوص إمامه والقياس عليها، وبالجملة لا يكون المراد بالتبحر معرفة كل أحوال التراكيب ومفرداتها، وكيفية العمل عند تعارضها، بل شيء من ذلك - فلا معنى للوثوق بنظره وتفريعاته، بل لا يجوز له ولا لغيره العمل بتلك التخاريج كما صرح به إمامنا القاسم بن محمد # في كتابه الإرشاد ورواه عن شيخه الإمام الحسن بن علي # وغيرهما من فحول الأئمة المتأخرين.
(قوله): «ومع عدمه أي المجتهد المطلق» إعادة ضمير المتن إلى المجتهد المطلق لذكره في أول المسألة بقوله: المفتي الفقيه وهو المجتهد المطلق، ولا بعد في ذلك؛ لأن السياق فيه؛ لقوله سابقاً: وفي جواز إفتاء غيره.
(١) مثلاً إذا عرف أن إمامه يبني العام على الخاص مطلقاً ولم يكن المفتي مجتهداً في هذه المسألة وكذلك يعرف سائر أصول إمامه فإنه يمكنه أن يخرج على أصوله أقوالاً، وأن يرجح من أقوال غير إمامه ما يوافق أصولاً عامة، وبهذا يندفع إيراد العلامة الجلال في شرح الفصول، لكن الحق أنه إذا جاز له الإفتاء بأقوال إمامه فإنه لا يجوز له نسبة ما خرجه على قول إمامه إليه كما نص عليه الإمام القاسم في الإرشاد، ولا العمل بالتخاريج. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر).
(٢) وابن الهمام في تحريره، حتى نقل شارحه عن شرح البديع للصفي الهندي أنه المختار عند كثير من المحققين من الحنفية وغيرهم، وأنه لا يحل لأحد أن يفتي بقول مجتهد ما لم يعلم من أين قال وما حجته.
(٣) ينظر في قوله: من غير إنكار، وأعجب من ذلك أن يفتي القاصر الذي لا يعرف من الأصول حرفاً ولا ينكر عليه في زماننا أحد، فيلزم جواز إفتائه، وهو باطل عند أهل هذا القول. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر |).