[التقليد]
  وقوله: (خلاف) مبتدأ، خبره ما تقدم من قوله: وفي كونه يصير ملتزماً. وللإمام شرف الدين # كلام في الفرق بين الملتزم وغيره، حاصله أن الملتزم هو من نوى الالتزام لمذهب معين، والمقلد العامل به. والصحيح أن الملتزم والمقلد متحدان في المعنى على ما ذكر من الخلاف، ولا فرق بينهما إلا عند من ينفي اللزوم بالالتزام؛ لأنه يجعل العامل مقلداً، ولا يجعل للالتزام معنى.
  (وبعده) أي: بعد التقليد والالتزام بأي هذه الوجوه على الخلاف فيها (يحرم الانتقال) إلى(١) تقليد مجتهد آخر؛ لأن قول المجتهد عند المقلد كالدليل عند المجتهد، فلا يجوز له الخروج كما لا يجوز للمجتهد (إلا لنقصان) في الأول (لرجحان غيره حينئذ) كما تقدم. وفي قوله: لرجحان غيره تنبيه على أن المراد بالنقصان المرجوحية، كأن تظهر للمقلد زيادة غير من قلده في العلم أو الورع أو
(قوله): «خبره ما تقدم» هذا مستقيم بالنظر إلى المتن، وأما بالنظر إلى الشرح فلا؛ لقوله: وقد اختلف، وكذا قوله: أو يكون غير ملتزم.
(قوله): «وللإمام شرف الدين # كلام في الفرق بين الملتزم وغيره» ترك المؤلف # الاستفتاء، وكأنه لظهور معناه، والذي في شرح الأثمار: غير المجتهد إما أن ينوي الالتزام لقول معين أم لا، الأول الملتزم، والثاني إن عمل فمقلد، وإلا فمستفت، وهو أعمها.
(قوله): «على ما ذكر من الخلاف» يعني بما يصير ملتزماً.
(قوله): «إلا عند من ينفي اللزوم» أي: لزوم بقاء المقلد على تقليد إمامه، وهذا إشارة إلى ما اختاره ابن الحاجب كما عرفت، وقد يتوهم أن هذا إشارة إلى قوله: أو يكون المقلد غير ملتزم بأيها، وهو غير مستقيم؛ لأن صاحب هذا القول يعتمد الترجيح بين المجتهدين فلا التزام عنده.
(قوله): «فلا يجوز له الخروج كما لا يجوز للمجتهد» اعترض في القسطاس هذا الاستدلال بالمعارضة بالقياس على المكفر، فكما أن له أن يختار من خصال الكفارة ثانياً غير ما اختاره أولاً كذلك الملتزم؛ لمشاركته إياه في كونه خروجاً عما قد اختار لا لمرجح، وأيضاً لا نسلم فيما نحن فيه أن الخروج لا لمرجح؛ لما في ذلك من التنفيس وعدم التضييق، ولو سلم فلا يضر كما في خصال الكفارة، ثم قال: والتحقيق أنه إنما حرم على المجتهد الانتقال لأنه متى حصل له من نظره في أمارة ظن بحكم جزم بوجوب عمله بمقتضاه؛ لانعقاد الإجماع على أنه يجب عليه العمل بمقتضى ظنه، وليس كذلك المقلد؛ فإن ظنه لا يفضيه[١] إلى علم؛ إذ لم ينعقد إجماع على وجوب اتباعه لظنه، بل انعقد على خلافه.
(قوله): «تنبيه على أن المراد بالنقصان المرجوحية» يعني لا الفسق، فإنه إذا انكشف له أن العالم الأول فاسق من ابتداء اجتهاده فإنه لا حكم لاجتهاده، بل وجوده كعدمه، =
(١) في المطبوع: أي تقليد.
[١] هذا من باب الحذف والإيصال.