[مسألة: في وجوب طلب الترجيح بين الأمارتين وفي جهات الترجيح بحسب السند]
[مسألة: في وجوب طلب الترجيح بين الأمارتين وفي جهات الترجيح بحسب السند]
  (مسألة:) يجب أن (يطلب الترجيح) بين الأمارتين ليعمل بالراجح ويطرح المرجوح، وسواء كان دليل الرجحان قطعياً أو ظنياً، وخالف الباقلاني فيما رجح بالظن(١)، هذا (إن تعذر الجمع) بينهما من كل وجه، بأن تفيد إحداهما خلاف ما أفادته الأخرى، لا إن أمكن ولو من وجه، بأن تحتمل إحداهما تأويلاً يوافق الأخرى كحديث: «فيما سقت السماء العشر» مع حديث: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» فالأول شامل لما دون خمسة الأوساق وغيره، فحملناه على غيره جمعاً بين الدليلين، ولو كان المتقابلان من الكتاب والسنة فإن العمل بهما من وجه أولى من اطراح أحدهما.
  وذهب البعض إلى تقديم الكتاب؛ محتجاً بحديث معاذ المتقدم، ولا حجة فيه؛ لأن معاذاً إنما أراد العمل بالكتاب حيث وجد حكم الحادثة فيه فقط، وبالسنة حيث وجد الحكم فيها فقط، ولو سلم فهو محمول على تقديم الكتاب على السنة على فرض تعارضهما من كل وجه.
  وذهب آخرون إلى تقديم السنة لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}[النحل: ٤٤]، وجوابه: أن المعارض للكتاب من كل وجه غير مبين له. مثاله قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً}[الأنعام: ١٤٥]، مع قوله ÷ في البحر: «هو الطهور ماؤه والحل ميتته»، فحملنا الآية على ميتة البر لتبادرها إلى الأذهان؛ جمعاً بين الدليلين.
  وأما إن لم يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه فالترجيح إن كان بين ظنيين منقولين من نوع واحد ففيه أربعة أقسام يشترك فيها الكتاب والسنة والإجماع،
(قوله): «فيما رجح بالظن» لأن العمل بالظن لا يجوز لظواهر الأدلة، فبقي على أصل الامتناع إلا فيما خصه دليل، وهو العمل بالأدلة الظنية استقلالاً لا ترجيحاً.
(١) عبارة أبي زرعة: وفصل القاضي أبو بكر فقال: يجب العمل بالراجح إذا ترجح بقطعي، كتقديم النص على القياس، فإن ترجح بظني كالأوصاف والأحوال وكثرة الأدلة ونحوها فلا يجب العمل به.