[مسالة: في جهات الترجيح بحسب المتن]
  وأما ترجيح الأمر على الإباحة فللاحتياط؛ لاستواء طرفي المباح دون المأمور به، وقيل بالعكس؛ لوحدة معناها وكثرة معاني الأمر، واستلزام تقديمه تعطيل الإباحة، بخلاف العكس؛ لأن ترجيح المبيح(١) فيه تأويل للأمر بصرفه عن ظاهره، والتأويل أولى من التعطيل، ولاشتمالها على مقصود الفعل والترك، ولا شك أن جهة الاحتياط أرجح.
  (و) منها: (الأقل احتمالاً على الأكثر) احتمالاً كما ذكرناه من كون النهي أقل احتمالاً من الأمر، والإباحة أقل احتمالاً منهما(٢)، فالأقلية جهة ترجيح وإن عارضتها جهة ترجيح أخرى.
  (و) منها: (الحقيقة الشرعية فالعرفية فاللغوية فالمجاز) كما إذا كان لفظ واحد له مدلول لغوي وقد استعاره الشارع في معنى آخر وصار عرفاً له، فإنه إذا أطلق الشارع ذلك اللفظ وجب حمله على عرفه الشرعي دون المعنى اللغوي؛ لأن الغالب من الشارع أنه إذا أطلق لفظاً وله موضوع في عرفه أنه لا يريد به غيره، وقد سبق له مثالان. وهكذا الكلام في لفظ له محملان عرفي ولغوي أو حقيقي ومجازي فإنه يقدم العرفي لكونه أشهر على اللغوي، والحقيقي لما تقدم على المجازي، وهكذا إذا تعارض لفظان حقيقي ومجازي(٣).
(قوله): «وإن عارضتها جهة ترجيح أخرى» كما سبق من ترجيح الأمر على الإباحة للاحتياط.
(قوله): «وقد سبق له مثالان» في الإجمال في قوله: ولا إجمال فيما له محملان.
(قوله): «إذا تعارض لفظان حقيقي ومجازي» قد ذكر مثاله في المنهاج، وكذا مثال رجحان دليل المجاز، فخذه من هنالك.
(١) في نسخة: الإباحة.
(٢) عبارة الإمام المهدي في المنهاج: وترجح الإباحة على النهي، فإذا تعارض خبران أحدهما فيه لفظ الإباحة للشيء والآخر بلفظ النهي عنه، فإن الإباحة أرجح؛ إذ لفظها قرينة تقدم النهي، بيان ذلك أنه قليل ما يقال: أبحت لك كذا إلا بعد أن كان نهاه عنه وكرهه منه، فلولا هذه القرينة لكان النهي أرجح؛ لأنه أحوط. فإن لم يأت بلفظ الإباحة فلا إشكال في أن النهي أرجح، إلا عند من رجح الإباحة على الأمر كما قدمنا؛ لأنه كالأمر في التركيب.
(٣) لا يقال: هذا تكرير لقوله قبيل هذا: والحقيقي لما تقدم إلخ؛ لأن هذا عند تعارض لفظين حقيقي ومجازي، والأول عند تعارض معنيين حقيقي ومجازي للفظ واحد.