[مسألة: في جهات الترجيح بحسب المدلول]
[مسألة: في جهات الترجيح بحسب المدلول]
  (مسألة: و) أما جهات الترجيح بحسب المدلول فمنها (الحظر فالوجوب فالكراهة فالندب فالإباحة) فتقديم(١) الحظر على الوجوب لما تقدم في تقديم النهي على الأمر، وتقديم الوجوب على الكراهة للاحتياط، وتقديم الكراهة على الندب لأن الفعل حينئذ تكون فيه شائبة مفسدة وشائبة مصلحة، وقد تقرر أن دفع المفاسد(٢) في نظر العقلاء أولى، وتقديم الندب على الإباحة للاحتياط؛ لأن الفعل إن كان مندوباً ففي تركه إخلال بالطلب، وإن كان مباحاً فلا إخلال إن فعله. وقيل: إن الإباحة تقدم على الحظر؛ لاعتضادها بالأصل، وهو عدم الحرج، ولأن العمل بالمحرم يبطل دليل الإباحة بالكلية، بخلاف العكس(٣) كما تقدم، ولأن الغالب أنه لو كان حراماً لكان لمفسدة ظاهرة يطلع المكلف عليها ويقدر على دفعها، ولأن الإباحة مستفادة مما اتحد مدلوله وهو التخيير، بخلاف الحظر فإنه مستفاد مما تردد مدلوله بين الحرمة والكراهة(٤)، وهو النهي. وهذا كله لا يقاوم الاحتياط، فإن ملابسة الحرام موجبة للإثم، بخلاف المباح(٥)، فكان العمل بالحاظر أولى بالاحتياط؛ لقوله ÷: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، ولهذا لو طلق معينة ثم نسيها حرم الجميع، ثم إن موافق الأصل مؤكد، ومخالفه مؤسس، والتأسيس أولى من التأكيد. وذهب أبو هاشم وعيسى بن أبان والغزالي إلى أنهما سواء؛ لتساوي مرجحيهما عندهم، وفيه ما عرفت.
(قوله): «وفيه ما عرفت» من عدم مقاومة الاحتياط.
(١) في نسخة: فيقدم.
(٢) في نسخة: المفسدة.
(٣) وإليه الإشارة بقوله ÷: «ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال. (منهاج).
(٤) فالمصير إلى الحظر أحوط. (رفواً).
(٥) إذ لا حرج في تركه؛ ولهذا رجح أبو حنيفة حديث خالد بن الوليد في حرمة لحم الخيل على حديث جابر في إباحته. (رفواً).