هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الترجيح بين القياسين]

صفحة 696 - الجزء 3

  الأحوال؛ لأن المقصود منه في الأغلب بقاء النفس مترفهة، بخلاف حفظ النسب فإنه متمحض لحفظ النفس.

  وبمثل تفاوت هذه الرتب يكون التفاوت بين مكملاتها؛ ولهذا قال: (فالمكمل كذلك)⁣(⁣١) ووجه تأخرها عن الضروريات ظاهر؛ ولهذا لم تراع في كل ملة. وقوله: (فالحاجي فالتحسيني)⁣(⁣٢) معناه أن مرتبة الحاجية تبع لما تقدم؛ لزيادة مصلحة الضرورية وغلبة الظن بها؛ ولهذا لم تخل شريعة عن مراعاتها، ومكملاتها في حكمها؛ لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ثم هي سواء كانت أصلاً أو


(قوله): «فالمكمل كذلك» فمكمل الدينية كقتل جاسوس الكفار؛ لأنه مكمل لمصلحة الجهاد، ومكمل مصلحة النفس كإيجاب القصاص فيما دون النفس، ومكمل مصلحة حفظ النسب كإيجاب الحجاب وتحريم المقدمات، ومكمل مصلحة حفظ العقل كتحريم قليل المسكر وإيجاب الحد عليه، ومكمل مصلحة حفظ المال كتضمين الكفيل به. ولم يذكر معارضاتها، وقد استوفى ذلك في الرفو.


(١) وعبارة المختصر: والتكميلية من الخمسة على الحاجية. قال شارحه النيسابوري: لأن المكمل حكمه حكم المكمل؛ ولذلك يحرم شرب جرعة من الخمر كتحريم المسكر منها، ويحد بشرب جرعة منها كما يحد بشرب المسكر، مثاله تكميلية الدين في الصابئة: عابدة لغير الله فلا يجوز نكاحها كالمجوسية، مع قول الخصم: معظمة لغير الله لا بطريق الإلهية فيجوز نكاحها كالنصرانية. «تكميلية النفس» في الثعلب: سبع فيحرم أكله كالدب، مع قوله: صيد غير صائل فصار كأرنب. «تكميلية العقل»: شراب يدعو قليله إلى كثير المسكر فيحرم قليله كالخمر، مع قوله: شراب ذهبت رقته بالنار فيحل كسائر الأشربة المباحة. «تكميلية النسل في تداخل العدتين»: عبادتان فلا يتداخلان كالصومين في يوم واحد، مع قوله: حصل المقصود بالعدة وهو فراغ الرحم فلا تكلف أخرى صوناً لمنافعها عن التضييع بالحصر في البيت، فصار كالتداخل في الحدث الأصغر والأكبر فإنه لا تكلف عدة طهارات، بل يكتفي بواحدة صوناً للطهور عن التضييع. «تكميلية المال» في بيع التمرة بالتمرتين: مطعوم فلا يجوز بيعه بجنسه متفاضلاً كالصاع بالصاعين، مع قوله: إنه من جنس ما يتعلق به البقاء وهو غير معتبر شرعاً فيجوز بيعه بجنسه متفاضلاً.

(٢) لتعلق الحاجة بالأول دون الثاني، مثاله في تزويج الفاسق: زوجها أبوها [فيصح]⁣[⁣١] كغير الفاسق، فيقول الخصم: ولاية فلا تليق بالفاسق كالكافر. مثال آخر في شهادة العبد بمال: قول عدل فيه إحياء حق لمسلم فيقبل كالحر، فيقول الخصم: منصب شريف فلا يليق بوضيع المرتبة كالخلافة، والأول مثال الحاجية، والثاني متممة الحاجية؛ لأن قبول قول العدل أفضى إلى دفع حاجة إحياء أموال الناس عند التناكر. (رفواً).

(*) ومن أمثلة التحسيني تحريم تناول القاذورات.


[١] ما بين المعقوفين من شرح الفصول.