[مسألة: في انقسام حكم العقل إلى ضروري ونظري]
  (قيل:)(١) كما أن ترك الشكر مخوف لما ذكرتم فهكذا (الفعل مخوف) أيضاً (لأنه تصرف في ملك الغير بلا إذن) منه، فإن ما يتصرف فيه العبد من نفسه وغيرها ملك لله تعالى (و) لأن فعل الشكر (استهزاء) من حيث إنه ليس للنعمة قدر يعتد به بالنسبة إلى مملكة منعهما واستغنائه عنها، فالشكر عليها (كما في شكر ملك) قد شملت مملكته الخافقين من فقير (على لقمة)(٢) أعطاه الملك إياها، ولما كان شكره عليها بذكرها وتحريك أنملته دائماً لأجلها لا يليق بمنصب منعمها ويعد استهزاء به كان طاعة العبد مدة عمره كذلك.
  (قلنا:) لا نسلم ما ذكروه من حصول الخوف من فعل الشكر، أما أولاً: فلأنه (لا يضر المالك) وهو ظاهر، وما كان كذلك وفيه نفع للفاعل فإنه حسن بالضرورة، كالاستظلال بحائط الغير والنظر في مرآته والتقاط ما تناثر(٣) من حب غلته بغير إذنه (فلا خوف) حينئذ من فعل الشكر؛ لانتفاء الأمارات المقتضية له.
  (و) أما ثانياً وثالثاً: فلأن (رجحان طريق الأمن و) رجحان (حال) العبد (المشتغل بالخدمة المواظب على الشكر على غيرهما) من طريق الخوف وحال العبد المعرض عن الخدمة المتغافل عن الشكر (ضروري) للقطع بأن العبد
(قوله): «لما ذكرتم» من احتمال العقاب.
(قوله): «من فقير» متعلق بشكر ملك.
(قوله): «ولما كان» جوابه لا يليق[١]، وخبر كان كأن طاعة العبد.
(قوله): «وفيه نفع للفاعل» ثم وهو دفع ضرر الخوف.
(قوله): «ورجحان طريق الأمن ... إلخ» مبتدأ، خبره ضروري.
(قوله): «ضروري» يعني وجوداً وعدما كما سيأتي التقييد بذلك قريباً.
(١) معارضة.
(٢) في القاموس: واللقمة وتفتح: ما يهيأ للقم.
(٣) في نسخة: يتناثر.
[١] هذا غير ظاهر، بل الجواب كان طاعة العبد، وخبر كان لا يليق. (حسن بن يحيى الكبسي).