هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[عكس النقيض]

صفحة 232 - الجزء 1

  مثل (حكم السوالب ثَمَّة) أي: في العكس المستوي، فالموجبة الكلية تنعكس كنفسها، مثلاً ينعكس: كل إنسان حيوان إلى: كل لا حيوان لا إنسان، وإلا⁣(⁣١): فبعض لا حيوان ليس لا إنسان⁣(⁣٢)، ويستلزم: بعض لا حيوان إنسان⁣(⁣٣)،


(قوله): «وإلا فبعض لا حيوان ليس لا إنسان» أي: وإلا صدق نقيضه وهو هذه القضية؛ لأنها سلب جزئي، والسلب الجزئي نقيض الإيجاب الكلي.

(قوله): «بعض لا حيوان إنسان» فإن قلت ما وجه هذا الاستلزام مع أن هذه القضية - أعني بعض لا حيوان إنسان - ليس نقيضاً لقولنا: بعض لا حيوان ليس لا إنسان ولا عكساً مستوياً - إذ لا عكس للسالبة الجزئية - ولا عكس نقيض. قلنا: تحقيق المقام يعرف بنقل حاصل ما ذكره بعض المحققين من شراح التهذيب، وهو ملخص ما في شرح الشمسية. وبيانه أن بعض المناطقة جعل هذا - أعني بعض لا حيوان إنسان - نقيضاً على قاعدة القدماء، فقال: لو لم يصدق هذا العكس - وهو: كل لا حيوان لا إنسان - لصدق نقيضه، وهو بعض لا حيوان إنسان، وينعكس بالمستوي إلى آخر ما ذكره المؤلف، فقال المتأخرون من المناطقة: لا نسلم أنه لو لم يصدق العكس المذكور لصدق نقيضه، وهو: بعض لا حيوان إنسان؛ إذ ليس بنقيض له، غاية الأمر أنه يلزم من عدم صدق العكس المذكور صدق قولنا: بعض لا حيوان ليس لا إنسان؛ لأن الإيجاب الكلي نقيضه السلب الجزئي، ولا يلزم من صدق هذا النقيض صدق: بعض لا حيوان إنسان؛ لأن ليس بعض لا حيوان لا إنسان سالبة معدولة المحمول، وبعض لا حيوان إنسان موجبة محصلة المحمول والسالبة المعدولة⁣[⁣١] أعم من الموجبة⁣[⁣٢] المحصلة، =


(١) أي: لو لم تنعكس كنفسها بل جزئية صدق نقيضه، وهو: بعض لا حيوان ... إلخ؛ لأن السالبة المعدولة المحمول في قوة الموجبة؛ لأن رفع أحد النقيضين إثبات للآخر، فكانت الموجبة هي النقيض، وتنعكس بالعكس المستوي ... إلخ. اهـ من شرح ابن جحاف كذا قرر الكلام.

(٢) قوله: «ليس لا إنسان» أي: بل إنسان.

(٣) فيلزم أن يكون الإنسان حجراً.


[١] هي التي لم يجعل حرف السلب جزءاً من المحمول؛ لأنه حينئذ محصل وجودي، وقد تكون القضية محصلة الموضوع ومحصلة الطرفين، وبيان ذلك يؤخذ من موضعه. (منه ح).

[٢] لأن وجه ذلك اشتراط وجود الموضوع في الموجبة دون السالبة كما ذلك معروف. (منه).

ولفظ حاشية: والسر في ذلك⁣[⁣٠] أن الإيجاب يستلزم وجود المحكوم عليه؛ ضرورة أن ثبوت مفهوم وجودي أو عدمي لشيء يستلزم وجود ذلك الشيء⁣[⁣٠٠]. (من حاشية الشريف على شرح الرسالة من مباحث الكلي والجزئي). قوله: «وجودي» نحو زيد كاتب، وقوله: «أو عدمي» نحو: زيد لا كاتب. (ح).

[٠] أي: في كون السالبة المعدولة المحمول أعم من الموجبة المحصلة. (ح).

[٠٠] بخلاف سلب مفهوم وجودي أو عدمي فإنه لا يستلزم وجود المسلوب عنه؛ لأن الشيء إذا كان معدوماً سلب جميع الأشياء عنه. (ح).

[*] - أي: المحصلة المحمول؛ ألا ترى أن صدق قولك: ليس زيد بلا كاتب لا يسلتزم صدق قولك: زيد كاتب؛ لجواز أن يكون زيد معدوماً فلا يكون كاتباً ولا لا كاتباً. (حاشية الشريف على شرح الرسالة من مباحث الكلي والجزئي). وقوله: فلا يكون كاتباً ... إلخ لأن الموضوع إذا كان معدوماً يجوز ارتفاع النقيضين. (ح).