هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[أحكام القضايا]

صفحة 233 - الجزء 1


= وصدق الأعم لا يستلزم صدق الأخص، فلما منعوا تلك الطريقة⁣[⁣١] غيروا التعريف إلى قولهم: جعل نقيض الجزء الثاني من الأصل أولاً وعين الجزء الأول ثانياً مع المخالفة في الكيف، وسيأتي ذلك في كلام المؤلف. وقد دفع هذا النقض بأنا لا نسلم أن العكس⁣[⁣٢] المذكور قضية معدولة الطرفين، بل سالبتهما⁣[⁣٣]، فتكون موجبة كلية سالبة الطرفين⁣[⁣٤]، وهي كالسالبة في عدم اقتضاء وجود الموضوع⁣[⁣٥] فإذا لم تصدق هي صدق نقيضها الذي معناه سلب سلب الإنسان عن بعض ما صدق عليه سلب الحيوان، فلا بد أن يصدق على ذلك البعض⁣[⁣٦] أنه إنسان وإلا ارتفع النقيضان⁣[⁣٧]، وصدق الإنسانية عليه يقتضي أن يكون موجوداً حال سلب سلب الإنسانية عنه الواقع في السالبة⁣[⁣٨]، فيكون موضوع هذه السالبة موجوداً في هذه المادة، وبوجوده تتحقق مساواتها للموجبة - أعني: بعض لا حيوان إنسان - في وجود الموضوع، لا كونها أعم منها، وأنه يندفع النقض فافهم.

إذا عرفت هذا ظهر لك أن وجه استلزام العكس المذكور لقولنا: بعض لا حيوان هو المساواة بينهما؛ لكون موضوع هذه السالبة موجوداً، وإذا تساويا صح البيان بقولهم: وتنعكس بالمستوي إلى: بعض الإنسان لا حيوان، وقد كان: كل إنسان حيوان، هذا خلف. وأما المتأخرون فلما كان ما ذكره المتقدمون في هذا الدفع خلاف الظاهر - أعني حمل سلب الطرفين على غير العدول - عدل المتأخرون إلى ما لا إشكال عليه هو ما ذكره المؤلف # بقوله فيما يأتي: جعل نقيض الثاني ... إلخ كقولك في كل إنسان حيوان: لا شيء مما ليس حيواناً إنسان، وإلا لصدق نقيضه وهو: بعض ما ليس حيواناً إنساناً⁣[⁣٩] ... إلخ البيانين المذكورين آنفاً، أعني طريق العكس والخلف. هذا توضيح ما ذكره المؤلف # فتأمله إن شاء الله تعالى.


[١] أي طريقة الاستلزام. (ح).

[٢] أي حتى تكون موجبة ونقيضها سالباً جزئياً. (ح).

[٣] وقد عرفت أن الموجبة السالبة الطرفين مساوية للسالبة، فقولنا: كل ما ليس (ب) ليس (ج) موجبة سالبة الطرفين في حكم السالبة في عدم اقتضاء وجود الموضوع، وإذا لم يصدق ذلك صدق: ليس بعض ما ليس (ب) ليس (ج)، فكان معناه سلب سلب (ج) عن بعض ما صدق عليه سلب (ب)، فلا بد أن يصدق على ذلك البعض أي: بعض ما ليس (ج) حينئذ ويتم الدليل، فالسالبة المعدولة المحمول وإن كانت أعم من الموجبة المحصلة لكن السالبة السالبة المحمول ليست أعم منها، بل هي مساوية لها. (شريف على الرسالة من بحث عكس النقيض. ح).

[٤] ذكر الشريف في حواشي شرح المختصر في السادس من الشكل الثالث الفرق بين الموجبة سالبة المحمول وبين الموجبة معدولة المحمول وبه يعرف الفرق بين سالبة الطرفين ومعدولتهما بالمقايسة. ولفظه: الموجبة السالبة المحمول ما سلب فيها محمولها عن موضوعها ثم أثبت ذلك السلب له [أي: للموضوع] فيشتمل على مفهوم السالبة مع أمر زائد، هو إثبات سلب المحمول عن الموضوع للموضوع، وأما الموجبة المعدولة المحمول فهي ما أثبت فيها عدم أمر وجودي للموضوع، فأنت إذا لاحظت مفهوم الكتابة وأضفت إليه مفهوم العدم ثم حكمت عل الموضوع بثبوت ذلك العدم المضاف كانت القضية موجبة معدولة، وإن نسبت مفهوم الكتابة إليه وسلبته عنه ثم حكمت عليه بثبوت ذلك السلب كانت موجبة سالبة المحمول. اهـ ح

[٥] بخلاف معدولة الطرفين. (شريف ح).

[٦] وهو المسلوب عنه الحيوانية. (ح).

[٧] وهو الإنسان ولا إنسان. (ح).

[٨] وهو النقيض للكلية، أعني: بعض لا حيوان ليس لا إنسان.

[٩] وتضمه إلى الأصل هكذا: بعض لا حيوان إنسان، وكل إنسان حيوان، فبعض لا حيوان حيوان، وهو خلف، فالموجبة الكلية تنعكس كنفسها كما ترى، والموجبة الجزئية لا تنعكس؛ لصدق بعض الحيوان لا إنسان وكذب: ليس بعض الإنسان حيواناً. والسالبة الكلية والجزئية تنعكسان جزئية موجبة، فكلما صدق لا شيء من الإنسان بحجر أو ليس بعض الإنسان حجراً صدق بعض لا حجر إنسان، وإلا صدق نقيضه، وهو لا شيء من لا حجر إنسان، وينعكس بالعكس المستوي إلى لا شيء من الإنسان لا حجر، وقد كان الأصل لا شيء من الإنسان بحجر هذا خلف. (من شرح ابن جحاف ح).