هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[أحكام القضايا]

صفحة 239 - الجزء 1

  وأما القول الآخر فالمراد به المعقول؛ لعدم لزوم التلفظ⁣(⁣١) بما يلزم من القول معقولاً أو ملفوظاً، فالقول الآخر المعقول يلزم من القول المعقول بلا واسطة. وأما لزومه للملفوظ فالمراد به لزومه لمدلوله⁣(⁣٢)؛ لظهور أن النتيجة غير لازمة للفظ القياس، لا أنه يلزم من الملفوظ بواسطة دلالته على المعقول؛ لأن المراد باللزوم هاهنا اللزوم بحسب نفس الأمر، والقول الملفوظ المؤلف من القضايا الملفوظة لا يستلزم مدلوله بحسب نفس الأمر حتى يستلزم القول الآخر بحسب نفس الأمر بواسطته، بل إنما يستلزم مدلوله بحسب العلم بالوضع⁣(⁣٣)، وأين هذا من ذاك؟


(قوله): «بما يلزم» متعلق بالتلفظ.

(قوله): «من القول» بيان لما⁣[⁣١] في قوله: بما يلزم، والمراد به القول الأول، يعني فلو أريد بالآخر الملفوظ لزم التلفظ به.

(قوله): «لا أنه يلزم ... إلخ» مقابل لقوله: لزومه لمدلوله، يعني لا أنه - أي: القول الآخر - يلزم من الملفوظ بواسطة دلالته على مدلوله الذي هو المعقول.

(قوله): «لا يستلزم» أي: القول الملفوظ «مدلوله» أي: في الواقع؛ لجواز تخلف الدلالة اللفظية عن مدلولها فيه.

(قوله): «حتى يستلزم القول الآخر» غاية للاستلزام داخل في حيز النفي.

(قوله): «بحسب العلم بالوضع» أي: بحسب كونه عالماً بوضع اللفظ لمدلوله، فإذا علم بالمدلول وعلم بوضع اللفظ له علم بالقول الآخر بحسب ذلك وإن لم يكن بحسب نفس الأمر.

(قوله): «وأين هذا»: أي: الاستلزام بحسب العلم بالوضع «من ذاك» أي: الاستلزام بحسب نفس الأمر، فإن الأول إنما يتوقف على العلم بالوضع وإن لم يثبت ذلك في نفس الأمر.


(١) يعني إذا قلت: العالم مؤلف، وكل مؤلف محدث، لزم منه: العالم محدث، ولا يلزمك أن تلفظ بهذا اللازم، بل المقصود معرفته وتعقله.

(٢) وهو المعقول، وإنما قيل: لازم للملفوظ تجوزاً، وإنما هو لازم لمدلوله.

(٣) مثلاً قولنا: العالم مؤلف، وكل مؤلف محدث، هذه الألفاظ لا تستلزم مدلولاتها بحسب الواقع ونفس الأمر بحيث تفهم المدلولات من الألفاظ ولو لم يعلم بالوضع حتى تستلزم القول الآخر وهو النتيجة بحسب الواقع ونفس الأمر أيضاً، بل إنما تستلزم مدلولاتها عند من علم بأوضاعها.


[١] ينظر في جعل ما ذكر بياناً لما يلزم، فهو عبارة عن القول الآخر. اهـ والظاهر أن من بمعنى عن. (إفادة سيدي محسن الشامي |). الظاهر أن من ابتدائية متعلقة بيلزم كما لا يخفى والله أعلم. (إملاء ح عن خط شيخه).