هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[القياس المنطقي]

صفحة 249 - الجزء 1

  المخيلات، وهي قضايا إذا أوردت⁣(⁣١) على النفس أثرت فيها تأثيراً عجيباً من قبض فتنفر أو بسط فترغب، ويزيدها قبضاً أو بسطاً إيرادها موزونة بصوت حسن، وسواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، صادقة أو كاذبة، كقولهم: الخمر⁣(⁣٢) ياقوتة سيالة، والعسل مرة مهوعة [أي: مقيئة]⁣(⁣٣).

  والغرض منه: انفعال النفس بالترغيب والتنفير. وأكثر من يستعمله الشعراء؛ ولذلك قيل⁣(⁣٤): أحسن الشعر أكذبه.

  (والأول) وهو مفيد التصديق (إما أن يفيد ظناً أو جزماً، الأول) قياس (الخطابة⁣(⁣٥)) ومادته المقبولات، وهي قضايا تؤخذ ممن يعتقد فيه الجمهور لزهد أو علم أو رياضة أو غير ذلك من الصفات المحمودة، كالأقوال المأخوذة من العلماء.


(قوله): «انفعال النفس» أي: تأثيرها بالترغيب والترهيب الحاصل من البسط والتنفير الحاصل من القبض.

(قوله): «أحسن الشعر أكذبه» لبنائه على المخيلات الكاذبة التي تستعذبها النفس وتستغربها فيزداد لذلك حسناً.

(قوله): «كالأقوال المأخوذة من العلماء» هذا داخل فيمن يعتقد فيه لعلم، فليس من غير ذلك⁣[⁣١].


(١) في المطبوع: وردت.

(٢) في جعلهم القضايا الشعرية تخييلية صرفة غير متعلقة للتصديق بحث مشهور، وهو أن الظاهر أن قولنا: الخمر ياقوتة سيالة، والعسل مرة مقيئة وأمثالهما من قبيل القضايا الصادقة المشتملة على الاستعارة والتشبيه كقولنا: زيد أسد، ويمكن دفعه بأن كلامهم في الأمثلة المذكورة إذا استعملت بمعنى التخييل الصرف؛ إذ لا مانع من استعمالها بهذا المعنى قطعاً وإن جاز استعمالها بمعنى التصديق أيضاً، على أن المناقشة في المثال ليست من دأب المحصلين. (مير أبو الفتح).

(٣) ما بين المعقوفين في المطبوع فقط.

(٤) وفي شرح الجلال: ولذلك قيل فيه: قياس شعري.

(٥) خطب الخاطب على المنبر خطابة بالفتح، وخطبة بالضم، وذلك الكلام خطبة أيضاً، أو هي الكلام المنثور المسجع ونحوه، ورجل خطيب: حسن الخطبة بالضم. (قاموس).


[١] هذا على جعله تفسيراً لغير ذلك، وأما إذا جعل بياناً لقوله أو علم كان المراد من غير ذلك كأهل العقول الراجحة والآراء الصائبة وذوي التجارب والحكماء وغير ذلك، والله أعلم. (حسن مغربي ح).