هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[أحكام القضايا]

صفحة 252 - الجزء 1

  كالحكم بأن لنا خوفاً وغضباً⁣(⁣١).

  وأما الفطريات فهي قضايا يحكم العقل بها بواسطة لا تعزب عنه عند تصور الطرفين، ولهذا تسمى قضايا قياساتها معها، كالحكم بأن الأربعة زوج لانقسامها بمتساويين، فإن من تصور الأربعة والزوج تصور الانقسام بمتساويين، ويترتب في ذهنه أن الأربعة منقسمة بمتساويين، وكل منقسم بمتساويين زوج⁣(⁣٢).

  وأما المجربات فهي قضايا يحكم العقل بها⁣(⁣٣) بسبب تكرر المشاهدة مع قياس خفي⁣(⁣٤)، وهو أن وقوع المتكرر على نهج واحد لا بد له من سبب⁣(⁣٥) وإن


(قوله): «لا تعزب عنه» عبارة اليزدي: لا تغيب عن الذهن⁣[⁣١].


(١) فإن إدراك الأمور الجزئية والحكم عليها لا يفتقر إلى عقل؛ ولهذا تدركها وتحكم بها البهائم في القوة الوهمية، إلا أنها تكون قضايا شخصية لا تعتبر في العلوم والبراهين المستعملة فيها بالذات، وأما الحكم على كلياتها فيفتقر إلى العقل بناء على أن القوى الجسمانية لا تدرك بها الكليات. (من حواشي الشريف على العضد).

(*) ثم إن الأحكام الحسية كلها جزئية، فإن الحس لا يفيد إلا أن هذه النار حارة، وأما الحكم بأن كل نار حارة فحكم عقلي استفاده العقل من الإحساس بجزئيات ذلك الحكم والوقوف على علله؛ وبهذا يظهر أن الحكم⁣[⁣٢] بالمشاهدات مركب من الحس والعقل لا الحس مجرداً. (من شرح السعد على الرسالة بحروفه).

(٢) ينتج: الأربعة زوج.

(٣) بواسطة الحس مع التكرار. (مواقف).

(٤) هو أن وقوع شيء عقيب فعل وقوعاً دائماً وأكثرياً⁣[⁣٣] لا بد له من أن يكون هناك سبب وإن لم يكن معلوم الماهية، وإذا علم حصول السبب حكم بوجود المسبب قطعاً، بل الحكم بأن الضرب بالخشب مؤلم وبأن شرب السقمونيا مسهل. اهـ قد تضمنه كلام الشارح.

(٥) وهو يختلف باختلاف الأشخاص، فلم يكن دليلاً على المنكر الذي لم يجرب. (شاه مير).


[١] ولعلها أولى لجواز أن تكون الواسطة التي لا تغيب عن الذهن ليست من مدركات العقل لكونها جزئية. (حسن مغربي ح).

[٢] في شرح السعد: الحاكم. فينظر.

[٣] لفظ شرح المواقف: هو أن الوقوع المتكرر على نهج واحد دائماً أو أكثرياً لم يكن اتفاقياً، بل لا بد أن يكون هناك سبب وإن لم يعرف ماهية ذلك السبب، وإذا علم حصول ذلك السبب حكم بوجود المسبب قطعاً، وذلك مثل حكمنا بأن الضرب بالخشب ... إلخ.