[أحكام القضايا]
  وأما الخبر المحفوف بالقرائن وخبر المصدَّق بالمعجز فالأقرب أن العلم الحاصل منهما استدلالي فلا يدخل فيما نحن فيه.
  واعلم أن الحدس قد يحصل بتكرر المشاهدة ومقارنة القياس الخفي كما في المجربات(١)، والفارق على ما ذكرنا هو استعمالُ الحدس، وقد ذكروا أوجهاً للفرق(٢) غير ذلك. ولاشتمال كل من المجربات والمتواترات والحدسيات على ملاحظة قياس خفي(٣) نازع في ضروريتها(٤) من نازع، ونازع بعضهم في كون
(قوله): «قد يحصل» يفهم من هذا[١] أن مقارنة القياس لا تلزم، وما سيأتي من قوله: ولاشتمال كل من المجربات ... إلخ مشعر باللزوم.
(قوله): «ومقارنة القياس ... إلخ» أي: مع مقارنة القياس الخفي الذي عرفته في المجربات.
(قوله): «وقد ذكروا أوجهاً للفرق[٢]» ... بياض في الأمهات ...
(قوله): «على ملاحظة قياس خفي» أما المجربات والحدسيات فقد عرفت ذلك، وأما المتواترات فلعل المؤلف # بنى ذلك[٣] فيها على قول من جعل حصول العلم بها استدلالياً كما يأتي في الأخبار؛ لتوقفه عنده على حصول شروط التواتر المعروفة.
وفي شرح المختصر: والمتواترات، وهي ما تحصل بنفس الإخبار. قال الشريف: إنما قال بنفس الإخبار تنبيهاً على عدم الاحتياج إلى انضمام قياس خفي على ما ظن.
(١) والفرق بين التجربة والاستقراء أن الاستقراء يجعل المشاهدات الجزئية مبدأ الحكم الكلي، والتجربة تضم إلى المشاهدات قياساً خفياً يحكم العقل بسببه. وأما الفرق بين التجربة والحدس فهو أن القرائن المفيدة للجزم في الحدسيات مغايرة للأثر، بخلاف التجربة، وقيل: الفرق أن التجربة موقوفة على فعل يفعله الإنسان، دون الحدس. وفيه نظر؛ لأن العلم بخواص الكواكب وتأثيرها من التجربيات، وليس لفعل الإنسان مدخل فيه. (من شرح الطوالع).
(٢) منها ما ذكره في شرح التجريد في الفرق أن التجربة تتوقف على فعل يفعله الإنسان حتى يحصل المطلوب بسببه؛ فإن الإنسان ما لم يجرب الدواء بتناوله أو بإعطائه غيره مرة بعد أخرى لا يحكم عليه بالإسهال وعدمه، بخلاف الحدس فإنه لا يتوقف على ذلك.
(٣) وهو أن وقوع المتكرر على نهج واحد لا يكون اتفاقياً.
(٤) في المطبوع: ضرورياتها.
[١] الظاهر أن المؤلف # أراد أنه كما يحصل الحكم في الحدسيات بحدس قوي من النفس قد يحصل بتكرار المشاهدة، وأما لزوم القياس فلا بد منه، فلا يتدافع. وقد يفهم من عبارة المؤلف هذا المعنى، أعني التعليل بحصول الحدس بتكرر المشاهدة. (ح).
[٢] هنا بياض في الأم، وقد ذكر السعد في شرح الرسالة بعض الأوجه. اهـ لعل وجه الفرق ما ذكره السعد في شرح الشمسية في أن السبب في المجربات معلوم السببية غير معلوم الماهية، وفي الحدسيات معلوم بالوجهين. (عبدالله بن علي الوزير. ح).
[٣] لا يتم هذا التوجيه؛ إذ المؤلف قد جعل المتواترات من الغير الاستدلالي كما هو صريح كلامه في هذا الموضع في الشرح، وقد أخرج المحفوف بالقرائن عنها فليتأمل. (سيدي محمد الأمير). التوجيه تام؛ إذ قد صرح هنا بأنه لعله بناه على قول من جعلها من الاستدلالي لا على قوله نفسه تأمل. (عن خط سيدي الحسن بن إسحاق عن خط سيدي أحمد ح).