هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[أحكام القضايا]

صفحة 256 - الجزء 1

  المجربات والحسدسيات من قبيل اليقينيات⁣(⁣١) فضلاً عن كونها ضرورية بل جعل كثير من العلماء الحدسيات من قبيل الظنيات.

  وفائدة البرهان تحقيق الحق على وجه لا يحوم حوله شك ولا يتطرق إليه تغيير.

  (وإلا) يفيد اليقين (فإن اعتبر فيه عموم الاعتراف والتسليم فجدل⁣(⁣٢)) أي: فالقياس يسمى جدلاً. ومادته المشهورات⁣(⁣٣)، وهي قضايا يحكم بها العقل لاعتراف جميع الناس أو أكثرهم أو طائفة مخصوصة بها؛ إما


(قوله): «فضلاً عن كونها ضرورية» إذ قد تكون اليقينيات نظرية كما عرفت، وتحقيق انتصاب «فضلاً» وبيان معناه مبسوط في حواشي الكشاف⁣[⁣١] بما لا يحتمله المقام.

(قوله): «بل جعل كثير من العلماء» منهم شارح المختصر، وينظر في وجه الإضراب ببل، ولعل وجهه أن المنازعة في كونها يقينية لا يقتضي إدخالها في الظنيات؛ لاحتمال التوقف، بخلاف من أدخلها فيه.

(قوله): «عموم الاعتراف والتسليم» لو قال: أو التسليم لكان أظهر؛ إذ عموم الاعتراف من العامة والتسليم من الخصم⁣[⁣٢]، وقد أشار المؤلف إلى هذا بقوله فيما يأتي: بتسليم من الخصم.


(١) فجعلها من الظنيات.

(٢) لأنه يدفع المجادلة.

(٣) كاستحسان نصرة الولي وخذلان العدو، وكحكم الجبري بحسن نسبة أفعال العباد كلها إلى الله والمعتزلي بإثبات الواجبات على الله ونحو ذلك.


[١] في حاشية السعد على الكشاف: «فضلاً» مصدر لفعل محذوف يقع متوسطاً بين نفي وإثبات لفظاً، نحو: فلان لا ينظر إلى الفقير فضلاً عن إعطائه، أو معنى نحو: تقاصرت الهمم عن أدنى العدد فضلاً عن أن تترقاه، والقصد فيه إلى استبعاد الأدنى - أعني ما دخله النفي، بمعنى عده بعيداً عن الوقوع، كالنظر إلى الفقير وبلوغ الهمم - واستحالة ما فوقه أعني ما دخلته «عن»، بمعنى عده بمنزلة المحال الذي لا يمكن وقوعه، كالإعطاء والترقي، وهو من قولك: أنفقت الدرهم وما فضل منه كذا، أي: بقي وفاعل الفضل ضمير النفي، أي: انتفى العطاء بالكلية والذي بقي منه عدم النظر، وهكذا انتفى الترقي وبقي التقاصر.

[*] - في شرح قوله في الخطبة: فضلاً عن أن ... إلخ. (ح).

[٢] لا مانع أن يكون التسليم من العامة فيكون عطفاً تفسيرياً، ويدل عليه اقتصار الشارح في التفسير على عموم الاعتراف، وكذا السعد في شرح الشمسية. (سيدي عبدالله الوزير). والعامة خصم كالخصم فيما يأتي. (من خطه ح).

[*] - بل عموم الاعتراف من العامة هو تسليمهم، فهو عطف تفسيري؛ ولذا اقتصر المصنف في الشرح على عموم الاعتراف كما اقتصر عليه السعد في شرح الشمسية، والعامة خصم كالخصم الذي سيأتي، لكن هنا عموم اعتراف وتسليم وفيما سيأتي مطلق التسليم. (إفادة السيد عبدالله بن علي). هذا وهم؛ فإن المشهورات غير المسلمات، ومع جعل التسليم تفسيراً لعموم الاعتراف يلزم أن يكون إياها، وليس كذلك، فعموم الاعتراف راجع إلى المشهورات، والتسليم إلى المسلمات، ويرشدك إلى ذلك قوله: «إن الغرض من القياس الجدلي إما إقناع القاصر عن صنعة البرهان وإما إلزام الخصم» فإن الأول في المشهورات والثاني في المسلمات، والمصنف لم يقتصر كما زعمه، وإنما اقتصر في سياق تفسير المشهورات؛ فذلك حجة عليه لا له، والله أعلم. (عن خط سيدنا إبراهيم بن خالد |. ح).