[أحكام القضايا]
  والمسلمات، وهي قضايا تسلم من الخصم فيبنى عليها الكلام لدفعه وإن كانت باطلة، كتسليم(١) الفقهاء بعض مسائل أصول الفقه.
  والغرض منه إما إقناع القاصر عن درك البرهان، وإما إلزام الخصم.
  (وإلا) يعتبر فيه عموم الاعتراف والتسليم (فمغالطة(٢)) أي: فالقياس يسمى مغالطة. ومادته: الوهميات، وهي قضايا كاذبة يحكم بها الوهم الإنساني في أمور غير محسوسة(٣) على نحو المحسوس،
(قوله): «والمسلمات» عطف على المشهورات.
(قوله): «كتسليم الفقهاء بعض مسائل أصول الفقه» بناء على أنه قد برهن عليها في علم الأصول، كأن يقول الخصم: خبر الواحد حجة؛ لأنه قد ثبت ذلك في أصول الفقه، فلا بد أن يأخذه المناظر له مسلماً[١].
(قوله): «والغرض منه» أي: من الجدل.
(١) قوله: «كتسليم الفقهاء بعض مسائل أصول الفقه» كما يستدل الفقيه على وجوب الزكاة في حلي البالغة بقوله #: (في الحلي زكاة) فلو قال الخصم: هذا خبر واحد ولا نسلم أنه حجة فيقول له: قد ثبت هذا في علم أصول الفقه، ولا بد أن يأخذها هاهنا[٢] مسلمة. (قطب).
(٢) وصاحب المغالطة إن قابل الجدلي فهو المشاغبي، وإن قابل الحكيم فسوفسطائي، فالتشغيب والسفسطة داخلان تحت قسم المغالطة، فالقياس المشاغبي ما مقدماته مشبهة بالمشهورات، والسفسطي ما مقدماته مشبهة بالأوليات، فمادة المغالطة أعم. (مرآة).
(٣) قال صاحب القطب على الشمسية حيث قال: وإنما قيد بالأمور الغير المحسوسة لأن حكم الوهم في المحسوسات ليس بكاذب، كما إذا حكم بحسن الحسناء وقبح الشوهاء، وذلك لأن الوهم قوة جسمانية في الإنسان بها يدرك الجزئيات المنتزعة من المحسوسات، فهي تابعة للحس، فإذا حكم على المحسوسات بأحكام كان حكماً صحيحاً، وإن حكم على غير المحسوس بأحكام المحسوس كان كاذباً، كالحكم بأن كل موجود مشار إليه، وأن وراء العالم فضاء لا يتناهى؛ لأن الوهم والحس سبقا إلى النفس؛ فهي منجذبة إليهما مسخرة لهما، حتى إن الأحكام الوهميات ربما لم تتميز عندها من الأوليات، ولولا دفع العقل والشرع وتكذيبهما أحكام الوهم بقي التباسها بالأوليات ولم يكد يرتفع أصلاً. ومما يعرف به كذب الوهم أنه يساعد العقل في المقدمات المنتجة لنقيض ما حكم فيها، كما يحكم الوهم بالخوف من الميت مع أنه يوافق العقل في أن الميت جماد والجماد لا يخاف منه، فإذا وصل الوهم والعقل إلى النتيجة نكص الوهم على عقبيه وأنكرها.
[١] نحو أن يقول المستدل: الزكاة واجبة في القليل والكثير؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]، ولم يفصل، فيقول المعترض: مخصوص بقوله ÷: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» فيقول له: هذا آحادي، فيجيب بأنك قد سلمت في الأصول جواز التخصيص بالآحادي[٠]. (جلال). وهذا مما برهن عليه قبل المناظرة في علم آخر وسلمه الخصمان. اهـ منه.
[٠] في شرح الجلال على التهذيب: جواز تخصيص المتواتر بالآحاد.
[٢] وفي شرح القطب: ولا بد أن تأخذه هاهنا مسلماً.