هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 302 - الجزء 1

  أفاده في التلويح حيث قال:


= وفيه نظر؛ إذ الإطلاق في هذا القسم مع نصب القرينة وهو مشعر بالقصد، وقد يقال: لا مانع من أن تنصب القرينة على الغلط وتقصد.

(قوله): «وقد أفاده في التلويح» بقوله: لا بواسطة هذا التعيين، وبقوله: لكانت دلالته عليه وفهمه منه عند قيام القرينة بحالها. لكن كون صاحب التلويح قصد هذه الإفادة معارض بتصريحه⁣[⁣١] بالتقييد بنفسه في تفسير الوضع حيث قال: فالوضع عند الإطلاق يراد به تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه، وصرح في هذا المنقول بمثل هذا يعرف بالتأمل، وقد رجع المؤلف فيما يأتي في بحث عدم اشتراط النقل في آحاد المجاز إلى كون التعيين في المجاز للدلالة حيث قال: وتعيين المجاز للدلالة بمعونة القرائن.

والشلبي أورد كلام التلويح ولم يتعرض لهذه الإفادة، وعصام تأول ما في التلويح⁣[⁣٢].

وأما الاعتراض على قول المؤلف: الدلالة متحققة، وعلى ما أفاده في التلويح بأن ذلك لا يفيد مطلوبه من الاستغناء عن ذلك القيد؛ لأن الدلالة في ذلك هي الدلالة بالفعل، وهي التي تحققت بالقرينة لا بالتعيين، ولم تكن الدلالة بالفعل حاصلة عند التعيين بل عند الاستعمال - فغير وارد؛ لأن المراد تعيين اللفظ⁣[⁣٣] =


= ... بخلاف تعيين الحقيقة فإنه لتحصيل أصل الدلالة غالباً.

(*) قوله: «سواء عين لما يتعلق بالموضوع له أو لا» مثاله: لو قلنا: رأيت أسداً يرمي فإن أسداً عينه الواضع لمعناه المجازي بوضعه قاعدة كلية هي: أن كل لفظ تعين للدلالة بنفسه على معنى فهو عند القرينة الصارفة عن إرادة ذلك المعنى متعين لما يتعلق بذلك المعنى تعلقاً مخصوصاً ودال عليه، فالأسد في هذا المثال جزئي من جزئيات هذه القاعدة التي وضعها الواضع وضعاً نوعياً دال على الرجل الشجاع لدخوله تحتها قبل هذا التعيين للرجل الشجاع في هذا المثال ونحوه، فلا دخل لهذا التعيين في الدلالة؛ لثبوت الدلالة بالوضع بالقاعدة الكلية، وهذا التعيين إنما هو لجواز الاستعمال لا غير. وإذا ثبت ذلك خرجت هذه الجزئيات بقيد الدلالة ولا يحتاج في إخراجها إلى قيد (بنفسه) وتدخل القاعدة الكلية في الوضع، فإنه عند الإطلاق ما يراد به تعيين اللفظ للدلالة على معنى أو يدرج في القاعدة الدالة على التعيين، وهذا هو الوضع النوعي المأخوذ في تعريف الحقيقة والمجاز. (من شرح ابن جحاف).


[١] يقال: قد علم من قول صاحب التلويح: بمعنى أنه يفهم منه بواسطة القرينة لا بواسطة هذا التعيين - أنه لا دخل للتعيين في الدلالة من المجاز، وأن قيد الدلالة مخرج للمجاز، وتصريحه بالتقييد بنفسه في تفسير الوضع يكون قيداً واقعياً، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).

[٢] قال عصام الدين في شرح الرسالة الوضعية: معنى كلام سعد الدين في التلويح أن تعيين المجاز ليس لتعيين أصل الدلالة؛ فإن أصل الدلالة حاصل من غير تعيين، فهو لتحصيل نوع من الدلالة، وهو الدلالة المعتبرة في طريق الإفادة والاستفادة، وهي الخاصة بالتعيين لأجل ذلك المدلول، بخلاف تعيين الحقيقة فإنه لتحصيل أصل الدلالة غالباً. (ح عن خط شيخه).

[٣] العبارة الملائمة لسياق كلام المؤلف أن يقول مثلاً: لأن المراد تعيين لفظ المجاز لما يتعلق بالموضوع له لجواز الاستعمال، والدلالة عند الاستعمال حاصلة بالفعل متحققة بالقرينة فيستغنى عن قيد بنفسه، والله أعلم. (من أنظار القاضي أحمد أبي الرجال ح عن خط شيخه).