هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 303 - الجزء 1

  الوضع النوعي قد يكون بثبوت قاعدة دالة على أن كل لفظ يكون بكيفية كذا فهو متعين للدلالة بنفسه على معنى مخصوص يفهم [منه]⁣(⁣١) بواسطة تعيينه له⁣(⁣٢)، ومثل هذا من باب الحقيقة بمنزلة الموضوعات الشخصية بأعيانها، بل أكثر الحقائق من هذا القبيل.

  وقد يكون بثبوت قاعدة دالة على أن كل لفظ تعين للدلالة بنفسه على معنى


= للدلالة عند الاستعمال، وهي عند الاستعمال حاصلة بالفعل متحققة بالقرينة فيستغني عن قيد بنفسه.

واعلم أنه يرد هاهنا⁣[⁣١] أن تعيين اللفظ للدلالة على المعنى المطابقي تعيين الدلالة على الجزء واللازم، فإذا استعمل اللفظ المطابقي فيهما مجازاً كان تعيينه تعييناً للدلالة عليهما، ويؤيده ما سيأتي عن الشريف وعن المؤلف في اعتراضه الآتي حيث قال: فإن ما يكون معنى لازماً لما وضع ... إلخ.

(قوله): «قد يكون بثبوت قاعدة ... إلخ» يعني أن الوضع النوعي كما ذكره الشريف وضع عام لا يختص بمادة مخصوصة من المواد، بل يكون بثبوت قاعدة ... إلخ.

(قوله): «كل لفظ يكون بكيفية كذا فهو متعين ... إلخ» نحو كل لفظ يكون على وزن فاعل فهو متعين للدلالة بنفسه على ذات من يقوم به الفعل، فإن هذا يدخل تحته وضع كل اسم فاعل في أي مادة مخصوصة كضارب وقائم وقاتل ونحو ذلك مما لا ينحصر، فلا يختص الوضع النوعي بمادة معينة مخصوصة، بخلاف الوضع الشخصي فإنه وضع اللفظ المعين للمعنى المعين، كرجل وفرس وأسود وأبيض لمعانيها المخصوصة.

(قوله): «بمنزلة الموضوعات الشخصية بأعيانها» يعني في عدم الاحتياج في فهم المعنى من اللفظ إلى قرينة.

(قوله): «بل أكثر الحقائق ... إلخ» كالمثنى والمجموع والمصغر والمنسوب وعامة الأفعال والمشتقات والمركبات، وبالجملة كل ما يدل على معناه بهيئته.


(١) ما بين المعقوفين من التلويح.

(٢) مثل الحكم بأن كل اسم آخره ألف أو ياء مفتوح ما قبلها ونون مكسورة فهو لفردين من مدلول ما ألحق بآخره هذه العلامة، وكل اسم غير إلى نحو رجال ومسلمين ومسلمات فهو لجمع من مسمى ذلك الاسم، وكل جمع عرف باللام فهو لجميع تلك المسميات، إلى غير ذلك. (تلويح).


[١] الظاهر أنه لا يرد الاعتراض بالجزء واللازم البين على تقدير عدم الاحتياج إلى قيد بنفسه؛ إذ المراد بوضع الحقيقة تعيين اللفظ للدلالة على المعنى، فبقيد الدلالة خرج جميع المجازات؛ إذ معنى الوضع فيها تعيين اللفظ لما يتعلق بالموضوع له لجواز الاستعمال لا للدلالة، فإذا استعمل لفظ الكل والملزوم في الجزء أو اللازم مجازاً كان تعيينه تعييناً لجواز الاستعمال لا للدلالة، وحصول الدلالة عليهما من اللفظ المطابقي إنما هو لأجل علاقة الجزئية واللزوم لا من التعيين، وأما وروده على تقدير الاحتياج إلى قيد بنفسه فظاهر، والله أعلم. (من أنظار القاضي أحمد أبي الرجال ح من خط شيخه).