فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]
  فهو عند القرينة المانعة عن إرادة ذلك المعنى متعين لما يتعلق بذلك المعنى تعلقاً مخصوصاً ودال عليه، بمعنى أنه يفهم منه بواسطة القرينة لا بواسطة هذا التعيين، حتى لو لم يثبت من الواضع جواز استعمال اللفظ في المعنى المجازي لكانت دلالته عليه وفهمه منه عند قيام القرينة بحالها، ومثله مجاز(١).
  فالوضع عند الإطلاق يراد به تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه(٢) سواء كان ذلك التعيين بأن يفرد اللفظ(٣) أو يدرج في القاعدة الدالة على التعيين، وهو المراد بالوضع المأخوذ في تعريف(٤) الحقيقة والمجاز، ويشمل الشخصي والقسم الأول من النوعي(٥).
(قوله): «سواء كان ذلك التعيين بأن يفرد اللفظ» كالموضوع بالوضع الشخصي، كرجل وفرس وأسد وأبيض لمعانيها المخصوصة.
(قوله): «أو يدرج في القاعدة» كوضع ضارب لمعناه، فإن تعيينه لمعناه ليس بأن الواضع أفرد لفظه، بل بدخوله في القاعدة الكلية كما عرفت.
(قوله): «المأخوذ في تعريف الحقيقة» يعني إثباتاً، وقوله: «والمجاز» يعني سلباً.
واعلم أن ما ذكره المؤلف # أورده صاحب التلويح[١] دفعاً لإشكال أورده السعد في حواشي شرح المختصر حيث قال: بقي إشكال قوي، وهو أنه إذا أريد بالوضع المذكور في تعريف الحقيقة الوضع الشخصي خرج كثير من الحقائق كالمصغر والمنسوب، وإن أريد مطلق الوضع أعم من الشخصي والنوعي لم يخرج المجاز عن التعريف؛ لأنه موضوع بالنوع[٢].
ثم أجاب في التلويح بما نقله المؤلف هنا، وإنما اندفع الإشكال لأن المراد بالوضع ليس هو الشخصي فقط ولا ما هو أعم من الشخصي والنوعي مطلقاً، بل المراد به ما هو أعم من الشخصي والقسم الأول من النوعي، أعني الذي لا يحتاج في فهم معانيه المخصوصة من ألفاظها إلى قرينة، بل مجرد تعيين الواضع بثبوت القاعدة كاف في دلالتها عليها.
(١) لتجاوزه المعنى الأصلي. (تلويح).
(٢) قوله: «للدلالة على معنى بنفسه» شكل على (بنفسه) في بعض النسخ، وفي حاشية ما لفظه: لعل وجه التشكيل ما نقله سيلان آنفاً على قوله: وقد نقله[٣] في التلويح.
(٣) بعينه بالتعيين. (تلويح).
(٤) فتثبت به الحقيقة وينتفي به المجاز. (إملاء). فيقال في الحقيقة: اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، أو نحو ذلك.
(٥) هو قوله: قد يكون بثبوت قاعدة كلية ... إلخ.
[١] صاحب التلويح هو السعد أيضاً، والحواشي متأخرة عنه. (ح).
[٢] قال السعد في حواشي شرح المختصر بعد إيراده الإشكال: وجوابه يطلب من شرحنا للتنقيح في فصل قصر حكم العام.
[٣] هكذا في المطبوع. والصواب: وقد أفاده.