هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 306 - الجزء 1

  يكون معناه لازماً لما وضع له غير منفك عنه في التصور⁣(⁣١) دلالته عليه بنفسه،


(قوله): «فإن ما يكون معناه لازماً لما وضع له ... إلخ» كالبصر اللازم تصوره من تصور العمى.

(قوله): «دلالته عليه بنفسه» هذا مبني على أن التعيين للدلالة على المعنى المطابقي تعيين للدلالة على لازمه وكذا على جزئه، ويؤيده ما نقله في المطول⁣[⁣١] عن كثير، وهو القول بأن التضمن فهم الجزء في ضمن الكل، والالتزام فهم اللازم في ضمن الملزوم.

وأيد السيد المحقق في حواشيه ما ذكره في دلالة التضمن وصاحب الجواهر في دلالة الالتزام في بحث اشتراط العلاقة في المجاز.

قال السيد: اللفظ الموضوع للكل إذا لم يكن موضوعاً للجزء وأطلق على الجزء كان مجازاً، ويفهم منه الجزء في ضمن الكل؛ فإن النفس عند سماع اللفظ تنتقل منه إلى المعنى الموضوع له فتفهم جزأه في ضمنه، ثم بواسطة القرينة تدرك أنه ليس بمراد وأن المراد هو الجزء، فالجزء مفهوم في ضمن الكل لكنه مراد لا⁣[⁣٢] في ضمنه، وبين فهم الجزء في ضمن الكل وإرادته لا في ضمنه بون بعيد، فدلالة التضمن هي فهم الجزء في ضمن الكل لا إرادته في ضمنه، فإذا أطلق اللفظ على الجزء مجازاً تنتفي إرادته من اللفظ في ضمن الكل؛ لأن الجزء حينئذ هو المقصود، فهو تمام المراد، وأما فهم الجزء في ضمن الكل فباق، والقرينة في مثل هذا المجاز⁣[⁣٣] لا تعلق لها بالفهم - لأن الجزء مفهوم من دونها - بل الإرادة.

وقال في الجواهر: الملزوم إذا فهم فهم اللازم قطعاً من غير احتياج اللازم في كونه مفهوماً إلى قرينة. نعم، يحتاج اللازم في كونه مراداً إلى القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة، لكن لا يلزم من احتياج اللازم إلى القرينة في كونه مراداً احتياجه إليها في كونه مفهوماً [لما تبين من أن كون اللازم مفهوماً عند فهم ملزومه لا يحتاج إلى القرينة، بخلاف كونه مراداً فإنه يحتاج إليها]⁣[⁣٤] كالمشترك بالنسبة إلى معانيه؛ ولذا قيل في فصل المجاز: ذكر الملزوم وإرادة اللازم يحتاج إلى قرينة ولم يقل: ذكر الملزوم وفهم اللازم يحتاج إلى قرينة.

قلت: ومقتضى كلامهما⁣[⁣٥] أن دلالة اللفظ المستعمل في الجزء واللازم مجازاً باقية في كونها تضمناً =


(١) بأن يكون جزءاً أو لازماً بيناً. اهـ وهو حيث يراد باللازم البين، مثل قوله ÷: «أتطعموننا ناراً».


[١] لم يكن في كلام المطول ما يظهر به التأييد على هذا فتأمله. (من أنظار القاضي أحمد أبي الرجال).

مراد المؤلف أن اللفظ المطابقي إذا أطلق على الجزء واللازم مجازاً فهو دال عليه بنفسه، وما نقله في المطول عن كثير في بيان الدلالة التضمنية والالتزامية فلا تأييد به. (من أنظاره أيضاً ح عن خط شيخه الحسن بن إسماعيل).

[٢] هكذا في المطبوع. وفي حاشية الشريف على المطول: لكنه ليس مراداً في ضمنه، وبين فهم الجزء في ضمن الكل وإرادته في ضمنه بون بعيد.

[٣] إنما قال: «في مثل هذا المجاز» إشارة إلى إطلاق الكل على الجزء؛ لأنه قد يكون للقرينة تعلق بالفهم كما في بعض الدلالات الالتزامية. (عصام من حواشيه على حاشية الشريف).

[٤] ما بين المعقوفين من الجواهر.

[٥] ليس في كلامهما ما يدل على ذلك، وإنما وهم المحشي من بقاء فهم الجزء في ضمن الكل بعد استعماله مجازاً في الجزء وهو حقيقة التضمن، ولم يتنبه أن إرادته مجازاً قد أخرجته إلى المطابقة بواسطة القرينة، كيف وقد صرح الشريف بأنه تمام المراد كما ترى وهذا معنى المطابقة، كما أعلن به السعد في حاشيته بقوله: حتى إذا استعمل اللفظ في الجزء واللازم مع قرينة مانعة عن إرادة المسمى لم يكن تضمناً أو التزاماً بل مطابقة؛ لكونها دلالة على تمام المعنى، أي: ما عني باللفظ وقصد. اهـ ولو قلنا بما ذكره المحشي لزم عدم الفرق بين استعمال اللفظ في دلالته على الجزء تضمناً واستعماله في الجزء مجازاً؛ إذ الدلالة فيهما تضمنية على كلامه، ويلزم أن لا يلزم التضمن المطابقة، والله أعلم. (حسن يحيى الكبسي | ح).