فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]
  أو بخلق الأصوات أو علم ضروري(١)، وهو المشار إليه بقوله: (ولا التوقيف مطلقاً) أي: من غير تفرقة بين محتاج إليه في التعريف وغيره.
  ورابعها وهو قول أبي علي وأبي إسحاق الاسفراييني: القدر المحتاج إليه في التعريف يحصل بالتوقيف من قبل الله تعالى، وغيره محتمل(٢) للأمرين، وهو المشار إليه بقوله: (أو في المحتاج).
  حجة البهشمية قوله تعالى: ({وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}) [إبراهيم: ٤] أي: بلغتهم.
  تقرير الاحتجاج: أنها لو كانت توقيفية لم تكن سابقة على الإرسال، بل
(قوله): «أو بخلق الأصوات» فسر ذلك بتفسيرين: إما بأن يخلق الله تعالى الأصوات والحروف التي هي الألفاظ الموضوعة في جسم وإسماعها واحداً أو جماعة بحيث يحصل له أو لهم العلم بأنها وضعت بإزاء معانيها، وإما بأن يخلق الله أصواتاً أو حروفاً تدل على أن تلك الألفاظ موضوعة. وظاهر كلام المؤلف أن خلق الأصوات طريق مستقل كما في شرح المختصر، وجعل الآمدي خلق الأصوات وخلق العلم الضروري طريقاً واحداً، واعتمده الشلبي، قال: لأن الكلام في ابتداء تعليم الوضع، فبمجرد سماع لفظ من جسم بدون العلم السابق بوضع ذلك اللفظ لا يفهم معناه ما لم ينضم إلى خلق الأصوات [خلق][١] العلم الضروري، ثم قال: وكذا الوحي، فلا يكون شيء من هذين الوجهين مستقلاً في كونه طريق التوقيف.
(قوله): «أو علم ضروري» يعني باللغات وأن واضعها قد وضعها لتلك المعاني المخصوصة.
(قوله): «القدر المحتاج إليه في التعريف» أي: تعريف بعضهم بعضاً ما يتعلق بالاصطلاح، مثل هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى.
(قوله): «وغيره محتمل للأمرين» أن يكون توقيفياً أو اصطلاحياً بعد حصول ما يحتاجه أهل الاصطلاح في الوضع.
(قوله): «تقرير الاحتجاج ... إلخ»: اعلم أن ابن الحاجب وشراح كلامه قرروا احتجاج البهشمية بأنها لو كانت توقيفية لزم الدور بدلالة الآية، ولزوم الدور باطل فيبطل الملزوم =
(١) يوجده الله تعالى لواحد أو لجماعة باللغات وأن واضعها وضعها لتلك المعاني المخصوصة. (شيخ لطف الله).
(٢) وقيل: عكسه، أي: القدر المحتاج إليه في التعريف اصطلاحي، وغيره محتمل له وللتوقيف، والحاجة إلى الأول تندفع بالاصطلاح. (من شرح الجمع).
[١] ما بين المعقوفين من حاشية الشلبي.