هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 316 - الجزء 1

  فإن أجيب: بأن الآية تدل على سبق اللغات والأوضاع دون التوقيف والتعليم.

  أجيب: بأنها لا تضاف إليهم إلا بعد توقيفهم وتعليمهم.

  فإن أجيب⁣(⁣١) بأنه يجوز بغير الإرسال كخلق الأصوات أو علم


= لكن إيراد السعد له مبني على تقرير الاحتجاج بلزوم الدور، والمؤلف لم يتعرض له، فإيراده وإيراد جوابه في كلام السعد سالم عن هذا لا إشكال. وبيانه أنه قال: فإن قيل: الآية تدل على سبق اللغات والأوضاع دون التوقيف والتعليم ليدور، أي: ليلزم الدور من الآية.

ثم قال: قلنا: مبنى الدور على أن لغة القوم بطريق الإضافة إنما تكون بعد توقيفهم وتعليمهم. فاستقام في كلامه توجه هذا السؤال من قبل هذا القائل بالتوقيف، وجوابه من قبل البهشمية، أما توجه السؤال من قبل القائلين بالتوقيف فلأنهم يتخصلون به عن لزوم الدور الناشئ عن توقيف القوم وتعليمهم.

وحاصله أن الذي دلت الآية على سبقه هو نفس اللغات والأوضاع ولا توقف له على الإرسال، إنما يتوقف على الوحي باللغات⁣[⁣١] والأوضاع إلى آدم قبل إرساله إلى القوم، فيكون هناك وحي باللغات والأوضاع ولا إرسال له إلى قوم لعدمهم، ثم بعد وجودهم وتعلمهم منه # اللغات والأوضاع أرسل إليهم، ويكون هذا مبنياً على القول بأن النبي أعم من الرسول.

وكذا استقام في كلام السعد توجه الجواب من قبل البهشمية الذي ذكره السعد بقوله: قلنا مبنى الدور ... إلخ، وهو المشار إليه بقول المؤلف: أجيب ... إلخ، وذلك أن حاصله في كلام السعد منع لزوم الدور، فيكون هذا الجواب إثباتاً للمقدمة الممنوعة، وهي التوقيف اللازم منه الدور وذلك أن إضافة اللغات - أي: اللسان - إليهم في قوله تعالى: {بِلِسَانِ قَوْمِهِ} يقتضي توقيفهم وتعليمهم فيلزم الدور.

(قوله): «فإن أجيب بأنه» أي: التوقيف للقوم ... إلخ، هذا الجواب ذكره ابن الحاجب وشراح كلامه من قبل القائل بالتوقيف، وتوجيهه في كلامهم ظاهر؛ لأنه جواب عن مقدمة مذكورة في كلامهم، وهي ما عرفت من قولهم: ولا يتصور التوقيف إلا بإرسال الرسل، ولم يتعرض المؤلف # لهذه المقدمة لعدم ذكر الدور في كلامه.


(١) هذا السؤال أورده السعد في دفع الدور حيث قال: فإن قيل: الآية تدل على سبق اللغات والأوضاع دون التوقيف والتعليم ليدور. قلنا: مبنى الدور على أن لغة القوم بطريق الإضافة إنما تكون بعد توقيفهم وتعليمهم. (عبدالقادر بن أحمد).

(*) يعني فإن أجاب من قال: إنها توقيفية على البهشمية. اهـ منه أيضاً.

(*) يعني فإن أجاب من قال إنها توقيف على قول البهشمية: إنها لو كانت توقيفية لم تكن سابقة على الإرسال نجيب بأنه يجوز التوقيف بغير الإرسال.


[١] يحقق هذا التفسير للجواب المذكور، فإنه لا فرق عليه بين هذا والجواب الآخر، أعني قوله: والجواب بأنا لا نسلم ... إلخ، فتفسير هذا الجواب الذي هنا مغاير لما فسره. تأمل. (حسن ح).