فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]
  ضروري(١).
  فقد أجيب(٢) بأنه خلاف المعتاد، فلو لم يقطع بعدمه فلا أقل من مخالفته للظاهر مخالفة قوية.
  والجواب(٣): أنا لا نسلم أن التوقيف لا يكون إلا بالإرسال.
(قوله): «كخلق الأصوات أو علم ضروري» لم يتعرض المؤلف هنا للوحي مع أنه قد ذكره سابقاً، ووجهه أنه هنا أجاب بأن ما ذكروه خلاف المعتاد، وذلك إنما هو في خلق الأصوات وخلق العلم الضروري لا في الوحي، فلو ذكره لم يتم الجواب الذي سيأتي حيث قال: والجواب أنا لا نسلم أن التوقيف لا يكون إلا بالإرسال، يعني بل بالوحي.
(قوله): «فقد أجيب» ذكره ابن الحاجب، وقوله: «خلاف المعتاد» يعني لم تجر عادته تعالى بذلك كما ذكره الشريف.
(قوله): «والجواب: أنا لا نسلم[١] أن التوقيف لا يكون إلا بالإرسال» هذا الكلام ذكره السعد في الحواشي، وتوجيهه ظاهر في كلامه على ما عرفت من تقرير الاحتجاج بلزوم الدور؛ لأنه إذا منع هذه المقدمة - أعني كون التوقيف لا يكون إلا بالإرسال - اندفع الدور، وأما توجه ذلك في كلام المؤلف ففيه خفاء؛ لأن هذه المقدمة لم تكن مذكورة في كلامه #.
واعلم أن وجه هذا المنع ما عرفت من أنه يجوز أن يكون التوقيف بدون الإرسال بأن يتقدم الوحي باللغات إلى النبي ÷ ثم بعد أن يتعلم القوم اللغات من النبي ÷ يرسل إليهم كما أشار إلى ذلك الشريف، ويكون ذلك بناء على أن النبي أعم من الرسول، وأما توجيه المنع بأن التوقيف يكون بخلق الأصوات أو علم ضروري فقد عرفت أنه خلاف المعتاد، لكن يرد على التوجيه[٢] الأول ما أشار إليه الشريف من أنه لا فرق حينئذ بين توقيف آدم وغيره ممن له قوم من الرسل. قال الشريف: فلذا أشار في شرح المختصر إلى دفع هذا بقوله: «إذا كان آدم هو الذي علمها لا قوم رسول» حيث لم يقل: لا رسول قوم، قال السعد: يعني لا نسلم أن التوقيف لا يتصور إلا بالإرسال، نعم، توقيف قوم الرسول وتعليمهم لا يتصور إلا بالإرسال، وأما توقيف الرسول فيكفي فيه الوحي والإعلام من الله تعالى، ثم قال: وقد يقال: =
(١) يخلقه الله تعالى في قلب رسوله فيلقيه إلى غيره. (نظام).
(٢) يعني فقد أجابت البهشمية. (عبدالقادر بن أحمد).
(٣) قوله: «والجواب» هو من جانب القائلين بالتوقيف.
[١] وأيضاً فهو تبيين لغير الإرسال، ومن الإرسال الوحي، فلو ذكره لم يصدق عليه أنه غير الإرسال، فمثل بما لا يدخله الاحتمال. (حسن بن يحيى ح).
[٢] لكنه لا يرد إلا على كلام الشريف في الجواب على البهشمية، ولفظه بعد ذكر دليلهم: الجواب أنه تعالى علم آدم الأسماء اللغات بأسرها كما دلت عليه الآية، وغيره تعلم منه إلى آخر جوابه، فلا يرد مع التأمل على التوجيه الأول ولا على أول كلام المؤلف أيضاً. (من خط حسن يحيى الكبسي ح).