هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 318 - الجزء 1

  نعم، يتم ذلك (في حق من له قوم) من الرسل⁣(⁣١)، أما إذا كان آدم # هو الذي عُلِّمها فهو مخصوص من عموم الآية؛ إذ لا قوم له عند البعثة⁣(⁣٢).


= المراد أن دلالة الآية على سبق اللغات إنما هي في حق الرسول الذي له قوم، فآدم مخصوص من ذلك؛ إذ لا قوم له عند البعثة. إذا عرفت ذلك فقول المؤلف #: «نعم يتم ذلك في حق من له قوم من الرسل» يرد عليه ما عرفت من كلام الشريف من أنه لا فرق بين آدم وغيره ممن له قوم من الرسل، فكان الأولى أن يقول: نعم توقيف قوم الرسول وتعليمهم لا يتصور إلا بالإرسال ... إلخ ما ذكره السعد ليندفع ما ذكره الشريف، أو يقول: والجواب: أنا لا نسلم دلالة الآية على سبق اللغات في حق كل رسول، إنما ذلك في حق الرسول الذي له قوم، فآدم مخصوص ... إلخ. وتوضيح المقام: أن المؤلف # جمع في هذا الجواب بين وجهين ذكرهما السعد في تقرير هذا الجواب كل منهما مستقل: أولهما: قوله: لا نسلم ... إلى آخر ما سبق نقله. وثانيهما: قوله: وقد يقال ... إلخ، فقول المؤلف #: «لا نسلم أن التوقيف لا يكون إلا بالإرسال» إشارة إلى الوجه الأول، وقوله #: نعم يتم ذلك في حق من له قوم من الرسل ... إلخ إشارة إلى الثاني، فلو قال: لا نسلم أن التوقيف لا يكون إلا بالإرسال. نعم، يتم ذلك في حق قوم الرسول فإن توقيفهم وتعليمهم لا يتصور إلا بالإرسال ... إلخ لكان كالوجه الأول في كلام السعد، ثم يقول بعد ذلك: أو لا نسلم أن دلالة الآية على سبق اللغات في حق كل رسول، بل في حق من له قوم من الرسل، أما إذا كان آدم هو الذي علمها ... إلخ لكان إشارة إلى الوجه الثاني واستقام المعنى واندفع الإيراد، وإنما وسعنا الكلام في هذا المقام لأنه من مضايق الكتاب، وروماً لتوضيح ما قصده المؤلف # وإن كانت هذه المسألة كما قال الشيخ لطف الله |: لا فائدة تنبني على الخلاف فيها، قال: ولهذا قال الأنباري شارح البرهان: ذكرها في الأصول فضول، وقال غيره: الخلاف فيها طويل الذيل قليل النيل، والله أعلم.

(قوله): «هو الذي علمها» بلفظ المبني للمفعول من التعليم.

(قوله): «فهو مخصوص ... إلخ» قلت: وصح إطلاق اسم الرسول على آدم وإن لم يكن له عند البعثة قوم يرسل إليهم لأن هذا الإطلاق وتسميته رسولاً إنما هو على لسان نبيئنا ÷، فلا إشكال كما قد يتوهم، والله أعلم.


(١) ولهم أن يجيبوا بأن آدم # لم يكن رسولاً إلا بعد وجود المرسل إليهم، وهم أولاده، فيتم الاحتجاج، ويعضده قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}⁣[الأنعام: ٤٨].

(٢) قال الأسنوي: وأحسن من هذا أن يقال: الوحي قد يكون إلى نبي وهو الذي أوحي إليه لكن لا للتبليغ، وقد يكون إلى رسول، وهو المبعوث لغيره؛ ولهذا قالوا: كل رسول نبي ولا ينعكس، والآية إنما تنفي تعلمها بالوحي إلى رسول، فيجوز أن يكون حصل التعليم بالوحي إلى نبي. اهـ وعبارة ميرزاجان: أقول: يمكن الجواب عن الحجة بمنع كون التوقيف بالإرسال؛ لجواز كون التوقيف بالوحي إلى النبي، والنبي أعم من الرسول.