هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 319 - الجزء 1

  احتج الأشعري⁣(⁣١) بقوله تعالى: ({وَعَلَّمَ آدَمَ) الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}، فإنه دل على أنه تعالى واضع الأسماء ومعلمها آدم دون البشر، وكذلك الأفعال والحروف؛ إذ لا قائل بالفصل⁣(⁣٢)، ولأن التفهيم يعسر بدونهما⁣(⁣٣)، ولأنهما أسماء في اللغة⁣(⁣٤)، والتخصيص بالنوع المقابل لهما إنما هو اصطلاح النحاة.

  والجواب من وجوه:

  أحدها: منع أن يكون معنى قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}⁣[البقرة: ٣١]، وضع اللغات وتعليمها آدم، لِمَ لا يكون معناه علمه (ما وضع) أي: ما سبق


(قوله): «ولأنهما أسماء في اللغة لكونهما علامات لمعانيهما كالأسماء.

(قوله): «إنما هو في اصطلاح النحاة» أي: اصطلاح نحوي طرأ فلا يحمل عليه القرآن.

(قوله): «والجواب من وجوه ... إلخ» الأجوبة الثلاثة جعلها في شرح الفصول للشيخ | وشرح المختصر⁣[⁣١] تأويلات، قالوا: فتارة في التعليم وهو الأول والثالث، وتارة في الأسماء وهو الثاني، وجعلها # سنداً للمنع ليتوجه الرد بأن الأول والثالث كلام على السند. ولو قدم المؤلف الثالث على الثاني لكان أنسب؛ لأنه تأويل في التعليم كالأول.

(قوله): «ما وضع» ظاهر السياق أنه بصيغة المعلوم، لكن تفسيره بقوله: أي ما سبق وضعه يناسب المجهول.


(١) لما كمل الكلام على إبطال قول البهشمية بنصرة قول الأشعرية شرع في إبطال قول الأشعرية ليتم له اختيار التوقف. واعلم أن انتشار الكلام في هذا الشرح يخفى به مراد المؤلف، وما كتبناه في الحاشية يظهر مراده، ولا ينبغي المبالغة في الاعتراض والرد في مجرد العبارة كما فعل سيلان | مع إمكان تأويلها كما فعلنا، إنما يبالغ العالم في نصرة الحق لا في العبارة التي يمكن توجيهها.

(٢) هذا إن حملت على المعنى المنقول إليه، وإن حملت على المعنى الأصلي فكذلك؛ لأن موضوعها الأصلي هو السمات، أي: العلامات، ولا شك أن الأسماء والأفعال والحروف سمات الأشياء. (أسنوي).

(٣) فلا بد من وضع الحروف والأفعال من الله سبحانه؛ ليتم الغرض. (من حاشية العضد).

(٤) لأن اسم الشيء هو اللفظ الدال عليه بالوضع. (من حاشية السعد).


[١] ولفظ شرح المختصر: يتفصى⁣[⁣٠] عن هذه الآية بتأويلها فتارة في التعليم ... إلخ، ولا يخفى أن التفصي منع لزوم الاستدلال، فالكلامان متحدان. (سيدي حسن يحيى الكبسي ح).

[٠] في شرح المختصر وشرح الفصول للغياث: والمخالف ينفصل ... إلخ.