هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 320 - الجزء 1

  وضعه من خلق آخر؟ وهذا أدخل في التبكيت⁣(⁣١) كما لا يخفى على المتأمل.

  وثانيها: وهو المراد بقوله: (أو الحقائق) منع كون الآية تدل على أنه تعالى علمها آدم؛ لجواز أن يكون المراد بالأسماء المسميات؛ بدليل قوله تعالى: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ}⁣[البقرة: ٣١]، والضمير للأسماء⁣(⁣٢)، ولا يصلح لها إلا إذا أريد بها المسميات مع تغليب العقلاء.


(قوله): «وهذا أدخل في التبكيت ... إلخ» لأن الملائكة إذا عجزوا عن معرفة ما لهم طريق إلى معرفته - وهو ما قد وجد بوضع سابق - كان التبكيت⁣[⁣١] بعجزهم عنه أدخل؛ لسهولة معرفته، بخلاف ما لو كانت اللغات بتوقيف الله تعالى فإنهم عجزوا عما لم يكن قد وجد بوضع سابق، إنما يوجد بتوقيف الله تعالى، والتبكيت عليه ليس كالأول، فوجه التبكيت في هذا الوجه يفارق وجه التبكيت فيما سيأتي، وهو الإلهام لأن يضع، وذلك أن آدم # عرف بالإلهام أمراً خفياً دقيق المسلك، وهو أن يضع. فالحاصل أن التبكيت إن اعتبر بالنسبة إلى الملائكة كان وجه الأدخلية عدم معرفة الملائكة $ لما تسهل معرفته كما فيما نحن فيه، وإن اعتبر بالنسبة إلى آدم كان وجه الأدخلية أنه عرف بالإلهام أمراً خفياً كما في الوجه الثالث، فلا يتوجه اعتراض بعض الناظرين⁣[⁣٢] على وجه أدخلية التبكيت هنا بأنه ليس خفياً كالوجه الثالث.

وبما ذكرنا يعرف التمايز، فلذا قال المؤلف: كما لا يخفى على المتأمل.

(قوله): «مع تغليب العقلاء» وذلك لأن الضمير المذكور إنما هو للعقلاء المذكرين⁣[⁣٣] فلولا التغليب لاختص بالعقلاء. =


(١) وجه التبكيت عجزهم عن معرفة ما عرفه آدم # بالإلهام من الأمر الخفي، لكن لا يتم إلا لو ألهموا ما ألهم آدم # فعجزوا عن معرفته، ولا جزم به. (سيدي إسماعيل بن محمد بن إسحاق).

(٢) إذ لم يتقدم غيره. (عضد).


[١] التبكيت بالنسبة إليه أن ألهم هو دونهم، وبالنسبة إلى الملائكة من حيث عجزهم لا هو. (ح عن خط شيخه). ينظر في كيفية التبكيت بالنسبة إلى آدم ففيه خفاء؛ إذ الظاهر أنه على ذلك التقدير ليس إلا بالنسبة إلى الملائكة. (إسماعيل بن محمد بن إسحاق ح).

[٢] لعل مراد المحشي | كما يرشد إليه آخر كلامه صرف الأمر بالتأمل إلى ما يعرف به التمايز بين وجهي الأدخلية في الجواب الأول والثالث، ورتب على ذلك عدم توجه الاعتراض، ولا يخفى أنه وقع الأمر بالتأمل قبل ذكر الأدخلية المترتبة على الجواب الثالث التي هي مظنة أن ينشأ عنها السؤال عن تمايز وجهي الأدخلية في الأول والثالث، فكيف يصح صرف الأمر بالتأمل إلى ذلك؟ وأنت خبير بأن وجه الأدخلية في الثالث أخفى منه في الأول؛ فكان الأمر فيه بالتأمل أولى، ولعله مراد المعترض. ولو قيل في جواب: ترك الأمر بالتأمل في وجه أدخلية الثالث مع كونه أخفى: للعلم بأوليته [بأولويته. ظ] لم يكن بعيداً تأمله. (للمحقق أحمد بن صالح أبي الرجال ح عن خط شيخه).

[٣] في المطبوع: المذكورين. والمثبت من حاشية الشريف على شرح المختصر.