هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 330 - الجزء 1

  وجوداً وعدماً، كإطلاق لفظ الخمر على النبيذ إلحاقاً له بالعقار بجامع وهو التخمير للعقل، وإطلاق السارق على النباش بجامع الأخذ خفية، والزاني على اللائط بجامع الإيلاج المحرم.

  احتج الأولون بما أشار إليه بقوله: (لأنه) أي: جعل القياس طريقاً⁣(⁣١) إلى إثبات اللغات (إثبات بالمحتمَل) وأنه غير جائز، أما الأولى فلأنه يحتمل التصريح بمنعه⁣(⁣٢) كما يحتمل باعتباره⁣(⁣٣)؛ بدليل منعهم طرد الأدهم والأبلق والقارورة والأجدل والأخيل وغيرها مما لا يحصى، فعند السكوت عن الأمرين


= فما لم يوجد في ماء العنب لا يسمى خمراً بل عصيراً، وإذا زال عنه لم يسم خمراً، بل خلاً فيظن حين دارت التسمية مع المعنى وجوداً وعدماً أن المعنى ملزوم للتسمية، فأينما وجد المعنى وجدت التسمية بذلك الاسم.

(قوله): «أما الأولى» أي: الصغرى القائلة بأن إثبات اللغة بالقياس إثبات بالمحتمل، والثانية أعني الكبرى المشار إليها بقوله: وأنه غير جائز، فيقال: وكل ما هو إثبات بمجرد المحتمل فهو غير جائز، ينتج: إثبات اللغة بالقياس غير جائز.

(قوله): «فلأنه يحتمل» أي: لأن المعنى الذي دار معه التسمية يحتمل تصريح الواضع بمنعه - أي: منع اعتباره - كما يحتمل التصريح منه باعتباره.

(قوله): «بدليل» متعلق باحتمال التصريح بمنعه.

(قوله): «الأدهم والأبلق» يعني في غير الفرس مع أن الأول دائر مع السواد وجوداً وعدماً، والثاني مع التخليط من السواد والبياض.

(قوله): «والقارورة ... إلخ» مع أنها دائرة مع القرار والقوة والخيلان.

(قوله): «وغيرها» كالسماك الدائر مع السموك - أي: الارتفاع - وجوداً وعدماً، وكذا العيوق ولا يطلق على كل ما له عوق، بل على النجم الأحمر المعروف.

(قوله): «فعند السكوت» أي: سكوت الواضع «عن الأمرين» أي: المنع والاعتبار كما في صورة محل النزاع يبقى المعنى على الاحتمال، وهذا معنى قول المؤلف: يكون الاحتمال، أي: يثبت الاحتمال.


(١) في شرح أبي زرعة على الجمع: فائدة الخلاف أن المثبت للقياس في اللغة يستغني عن القياس الشرعي، فإيجاب الحد على شارب النبيذ والقطع على النباش بالنص، ومن أنكر القياس في اللغة جعل ثبوت ذلك بالشرع.

(٢) أي: بمنع اعتباره والتعدية بسببه كما يحتمل التصريح منه باعتباره والتعدية به. (شريف).

(٣) أي: الجامع، كتسميتهم بالظهر للعضو المعروف من الإنسان وغيره من الحيوانات، ولما ظهر من الأرض لمعنى في هذه المعاني هو الظهور. (من شرح ابن جحاف).