فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]
  الغير الراجح سواء كان مساوياً أو مرجوحاً ثابت لا مطلقاً، بل على تقدير سكوت الواضع عن الاعتبار وعدمه، وحينئذ يلزم أن يكون احتمال اعتبار الواضع احتمالاً مرجوحاً، واحتمال عدم اعتباره احتمالاً راجحاً؛ لابتناء الأول على احتمال واحد وهو اعتبار المعنى المشترك كالمخامرة المطلقة مثلاً وقت التسمية بالخمر.
  وابتناء الثاني على احتمالين: أحدهما: أن لا يعتبر الواضع وقت التسمية معنى أصلاً لا مشتركاً(١) ولا خاصاً؛ إذ الأصل في اللغات عدم التعليل(٢)، بخلاف الأحكام الشرعية فإنها مراعى فيها المصالح.
  وثانيهما: أن يعتبر الواضع المعنى الخاص بالموضوع له(٣) كالمخامرة المخصوصة بماء العنب، والمبني على احتمالين راجح على المبني على واحد، فيكون احتمال اعتبار الواضع مرجوحاً، واحتمال عدم الاعتبار راجحاً.
  ولو سلم فغايته استواء الاحتمالين، وحينئذ يلزم أن يكون احتمال اعتبار الواضع مجرداً عن الرجحان، فيكون إثبات اللغة بالقياس إثباتاً بالاحتمال الغير
(قوله): «وحينئذ» أي: حين تقدير سكوت الواضع عن الاعتبار وعدمه، هكذا في الجواهر، وقد يتوهم أن المراد حين أن يكون المراد بالاحتمال الاحتمال المجرد ... إلخ، وليس كذلك.
(قوله): «كالمخامرة المطلقة» أي: غير المقيدة بالمحل المخصوص، أعني العنب؛ إذ لو قيدت بالمحل كانت قاصرة فلا تتعدى.
(قوله): «وثانيهما» أي: الاحتمالين.
(قوله): «المخصوصة بماء العنب» فلا تتعدى إلى النبيذ لكونها قاصرة.
(قوله): «ولو سلم» أي: كون اعتباره راجحاً.
(قوله): «وحينئذ» في الجواهر: وعلى كلا التقديرين يلزم ... إلخ، وحاصل الرد: أنا نختار الطرف الأول ونثبت المقدمة الأولى الممنوعة ببيان أن عدم الاعتبار راجح؛ ولهذا احتاج المؤلف إلى زيادة الإيضاح كما في الجواهر لئلا يكون ما ذكره كلاماً على السند؛ إذ لو كان كلاماً عليه لكفى أن يقول[١]: ورد بمنع الاستواء، فتأمل.
(١) قوله: «لا مشتركاً» كمطلق المخامرة، وقوله: «ولا خاصاً» كمخامرة ماء العنب.
(٢) بل وضعه لما وضعه من غير نظر إلى مناسبة معنى وعدمها.
(٣) «له» ساقطة من المطبوع.
[١] الظاهر أن يقول: لكفى أن يقول: ورد بمنع الرجحان، فتأمل. (شيخنا المغربي. ح).