هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 333 - الجزء 1

  الراجح، والإثبات به يستلزم الإثبات بمجرد الاحتمال من غير قياس.

  والأحسن في الاحتجاج ما أشار إليه بعضهم من أنه وقع الاتفاق⁣(⁣١) على أن اللغات ليست إلا توقيفية أو اصطلاحية⁣(⁣٢)، ولا طريق إليهما غير النقل قطعاً.

  (و) احتج المثبتون بأن (دوران الاسم مع المعنى) وجوداً وعدماً يفيد ظن عِلِّية المدار⁣(⁣٣)، فالنبيذ مع التخمير يطلق عليه اسم الخمر لا قبله ولا بعده.


(قوله): «والأحسن في الاحتجاج» لسلامته عما أورد على الاحتجاج الأول المحتاج إلى كلفة الجواب بما عرفت.

(قوله): «وقع الاتفاق ... إلخ» لعل هذا الاحتجاج مبني على أن القائل بثبوت اللغة بالقياس ممن يقول: إنها ليست إلا توقيفية أو اصطلاحية؛ إذ لو لم يقل بهذا ورد أن القائل بثبوت اللغة بالقياس لعله ممن يذهب إلى أن الجميع ممكن - وهو القول بالتوقف - أو من القائلين بالتفصيل، أو لعل هذا الاحتجاج بناء على أن بقية المذاهب تؤول إلى القول بعدم إثبات اللغة بالقياس فاكتفى بذكر هذين المذهبين، فإن القائلين بأن الجميع ممكن والقائلين بالتفصيل لا يثبتون اللغات بطريق أخرى⁣[⁣١]، ولا يخلو المقام عن تأمل، فتأمل، والله أعلم.

(قوله): «دوران الاسم» الدوران لغة: الطواف حول الشيء، واصطلاحاً: ترتب الشيء على الشيء وجوداً وعدماً، والأول يسمى دائراً والثاني مداراً.

(قوله): «فالنبيذ مع التخمير» فيه تسامح؛ فإن النبيذ مع التخمير هو المتنازع فيه؛ إذ النبيذ من يابس الشجرتين، فلو قال كما في عبارة غيره: فالعصر مع التخمير ... إلخ لكان أولى.

(قوله): «لا قبله» إذ يسمى عصيراً.

(قوله): «ولا بعده» إذ يسمى خلا.


(١) يقال: المخالف من أهل الإجماع، فلا تقوم حجة؛ إذ لا إجماع. (شريف).

(٢) وهذا الدليل يمنع من إثبات اللغة بمطلق الاحتمال ولو كان راجحاً.

(*) لأن الناس بين قائلين أحدهما قال: الواضع البشر، والثاني: الواضع هو الله تعالى، والفصل راجع إليهما.

(*) لا يقال: الحصر ممنوع فما قد جف القلم عن ذكر الخلاف أن اللغة تثبت بالقياس؛ لأنه لم يخالف ما مر ولم يذكر غير المذاهب الأربعة. (عبدالقادر بن أحمد).

(٣) فيكون المعنى علة للاسم، فأينما وجد وجد كما هو مقتضى العلية. (شريف).


[١] في حاشية على هذا ما لفظه: بهذا فهو الجواب الواضع، وتوضيحه أن الواقفين والمفصلين لا يقولون بأنها غير توقيفية وغير اصطلاحية، بل من وقف يقول بأحدها لا على التعيين، ومن فصل يقول بالتوقيف في المحتاج إليه وغيره محتمل الأمرين، فيستقيم الكلام، والله أعلم. (حسن بن يحيى ح).