هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها

صفحة 341 - الجزء 1

  لأنه لازمه، وحصر الدلالة اللفظية الوضعية في الثلاثة عقلي، فإن اللزوم⁣(⁣١) شرط تحقق⁣(⁣٢) الدلالة الالتزامية وليس معتبراً في الحد⁣(⁣٣).

  وقيد الخارج باللازم عقلاً أو عرفاً أي: يلزم من حصول الموضوع له في الذهن حصوله فيه عقلاً كالبصر بالنسبة إلى العمى أو عرفاً كالجود بالنسبة إلى


(قوله): «عقلي ... إلخ» هكذا ذكره الدواني، ولم يصرح في شرح الشمسية بكون الحصر عقلياً، بل ذكر وجه الحصر فقط حيث قال: لأن اللفظ إذا كان دالاً بحسب الوضع على المعنى⁣[⁣١] فذلك المعنى الذي هو مدلول اللفظ إما أن يكون عين الموضوع له أو داخلاً فيه أو خارجاً عنه.

(قوله): «فإن اللزوم شرط تحقق الدلالة ... إلخ» كذا ذكر الدواني، وتوضيح المراد بها متوقف على نقل عبارة التهذيب ليعرف معنى قول المؤلف #: فإن اللزوم ... إلخ، وذلك أنه قال في التهذيب: وعلى الخارج التزام. ثم قال: ولا بد من اللزوم الذهني عقلاً أو عادة⁣[⁣٢]، فالدواني لما ذكر أن الحصر في الثلاثة عقلي ورد عليه اللازم الخارجي الذي ليس بذهني فإنه قسم رابع، فيمتنع الحصر العقلي.

فأجاب بأن اللزوم الذهني شرط في تحقق الدلالة الالتزامية فتنتفي الدلالة عند انتفاء شرطها فلا تحصل الدلالة على اللازم الخارجي الذي ليس بذهني أصلاً ولا ينتقل الذهن إليه.

وإنما يرد الاعتراض لو جعل اللزوم الذهني قيداً في الحد مخرجاً للازم الخارجي عن حد دلالة الالتزام، فإنه يفيد وجود الدلالة على اللازم الخارجي فيبطل الحصر العقلي. هذا تقرير كلام الدواني على عبارة التهذيب، وهو قويم في محله؛ لأن صاحب التهذيب لم يجعل اللزوم عقلاً قيداً في الحد، بل ذكره شرطاً بعد تمام الحد.

وأما المؤلف # فإنه جعله قيداً في الحد؛ فلذا قال: وقيد الخارج باللازم عقلاً ... إلخ، وذلك وجه الخفاء فيما قصده #، والمراد ما ذكرنا فتأمل، والله أعلم.

(قوله): «أي: يلزم من حصول الموضوع له في الذهن حصوله فيه» أي: في الذهن عقلاً أو عرفاً، هكذا في شرح التخليص، لكنه قال: إما على الفور أو بعد التأمل في القرائن والأمارات؛ وحينئذ فيظهر بما قال التمايز بين اللزوم بهذا المعنى وبين ما شرطه بعضهم كما يأتي يعني امتناع انفكاك تعقل الخارج ... إلخ، ويظهر به أيضاً دخول المجازات والكنايات.

(قوله): «كالبصر بالنسبة إلى العمى» إذ العمى لا يتبين إلا بأن يقرن بالبصر؛ لأنه عدم البصر عما من شأنه البصر، قال في شرح الشمسية: فإن قلت: البصر جزء مفهوم العمى فلا يكون دلالته عليه بالالتزام، بل بالتضمن، =


(١) قوله: فإن اللزوم ... إلخ: جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: كيف قلت: الحصر عقلي في الثلاثة وقد اشترطت في الدلالة الالتزامية اللزوم عقلاً أو عرفاً؟ فقال: فإن اللزوم ... إلخ. (منقولة من خط لي).

(٢) قال في المحصول: وهذا اللزوم شرط لا موجب، يعني أن اللزوم بمجرده ليس هو السبب في حصول دلالة الالتزام، بل السبب هو إطلاق اللفظ، واللزوم شرط. (أسنوي).

(٣) قوله: «وليس معتبراً في الحد» أي: حتى يكون شطراً، والمراد بالحد حد الدلالة الالتزامية.


[١] في شرح الشمسية: على معنى.

[٢] عبارة التهذيب، أو عرفاً. (ح).