فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها
  وتحقيقه: أن الدلالة إما لرابطة كون المعنى عين الموضوع له فهو المطابقة، أو لا فإما لرابطة كونه جزءاً منه وهو التضمن، أو لا لرابطة الدخول أصلاً وهو الالتزام.
  واعلم أن التضمن والالتزام يستلزمان المطابقة(١)؛ وذلك لأن دلالة اللفظ على جزء المسمى بسبب كونه جزءاً له، وعلى الخارج اللازم بسبب كونه خارجاً لازماً له، ولا يتحققان بدون دلالة اللفظ على المسمى، وهو ظاهر.
  ولأنهما يستلزمان كون اللفظ موضعاً لمعنى، وذلك يستلزم دلالته عليه بالمطابقة.
(قوله): «أو لا لرابطة الدخول» معناه أو لا لعدم[١] اشتراط الدخول، أعني الجزئية، فيندفع الإيراد؛ لأنه إنما يتوجه لو اشترط فيها عدم الدخول فتأمل.
(قوله): «وذلك لأن دلالة اللفظ على جزء المسمى بسبب كونه جزءاً له ... إلخ» أي: بسبب كونه جزءاً للمسمى؛ إذ لو دل اللفظ عليه لا بسبب كونه جزءاً لمسمى اللفظ لم يكن للجزئية دخل في الدلالة عليه، فتكون دلالته عليه دون غيره ترجيحاً بلا مرجح، وإذا كان كذلك لم يتحقق كونه جزءاً لمسمى اللفظ إلا بعد تحقق مسمى مركب يدل اللفظ على مجموعه، وذلك معنى المطابقة، وكذلك الكلام في الالتزام إنما يدل اللفظ عليه بسبب كونه لازماً للمسمى، وإلا كان دلالته عليه دون غيره أيضاً ترجيحاً بلا مرجح؛ إذ نسبة اللفظ إليهما واحدة، وإذا كان كذلك لم يتحقق لازم المسمى إلا وقد تحقق مسمى يدل عليه الاسم، وذلك معنى المطابقة.
(قوله): (ولأنهما) أي: التضمن والالتزام (يستلزمان كون اللفظ موضوعاً لمعنى) هذا التعليل ذكره اليزدي في شرح الشمسية، وإنما يستلزمان ذلك لأن اتصاف المعنى بأن له جزءاً ولازماً ذهنياً فرع وجود معنى موضوع له اللفظ؛ إذ المعنى ما عني بلفظ موضوع، أي: قصد به، (وذلك) أي: كون ذلك المعنى الذي له جزء ولازم موضوعاً له لفظ (يستلزم دلالة ذلك اللفظ عليه) أي: على ذلك المعنى المركب (بالمطابقة) إذ الفرض انحصار الدلالة عقلاً في الثلاث والفرض أن ذلك المعنى ليس بجزء ولا لازم. والتمايز بين هذا الوجه وما قبله أن هذا الوجه متوقف على انحصار الدلالة في الثلاث بخلاف الأول، فتأمل، والله أعلم.
(١) لا يقال: إذا أطلق اللفظ على جزء المعنى أو لازمه مع قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له فقد تحققا دونها؛ لأنا نقول: لا نسلم تحققهما حينئذ؛ لأن التضمن والالتزام عبارة عن فهم الجزء في ضمن الكل واللازم بعد فهم الملزوم، فإذا قصد باللفظ مجرد الجزء واللازم كانت دلالته عليهما مطابقة؛ لكونها دالة على تمام المعنى، أي: على ما عنى باللفظ وقصد. (سعد). فيه أن التضمن وقوع الجزء في ضمن الكل لا فهم وقوعه، واللازم والالتزام توقف حصول معنى اللازم على حصول معنى الملزوم، والله أعلم. (شرح تهذيب). إلا أن يقال: الكلام فيه باعتبار دلالتهما كما هو الظاهر لم يبعد. (لي).
[١] ينظر في صحة المعنى مع لفظ لا. (ح عن خط شيخه المغربي).