هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ذكر سبب التأليف]

صفحة 37 - الجزء 1

  القاسم بن محمد لطف الله به⁣(⁣١)، وجعل له من التوفيق إلى ما أمر به قائداً، ومن العصمة عما نهى عنه ذائداً، بعد حمد الله على آلائه⁣(⁣٢) المتصلة المدد، فما تحصر بحد، ولا تحصى بعدد، والشهادة الناطقة بأن لا إله إلا هو الأحد الصمد،


(قوله): «لطف الله به»: اللطف جنس⁣[⁣١] يدخل تحته التوفيق، وهو لطف الطاعة، والعصمة، وهي اللطف في ترك المعصية كما ذلك معروف في موضعه؛ فلذا قال في التوفيق: إلى ما أمر به، وفي العصمة: عما نهى عنه، فيكون عطف قوله #: وجعل له من التوفيق ... إلخ على «لطف» من عطف التفسير⁣[⁣٢].

(قوله): «من التوفيق» يحتمل أن يكون بياناً لقوله قائداً، وأن تكون «من» ابتدائية، أي: جعل له قائداً ناشئاً من التوفيق. وعلى الاحتمالين تقديمه رعاية للسجع. وكذا قوله: «من العصمة» يحتمل الأمرين.

(قوله): «إلى ما أمر به» متعلق بالتوفيق، بناء على إعمال المصدر المعرف⁣[⁣٣] في الظرف. ويحتمل تعلقه بقائداً، والأول أولى لعدم الحاجة إلى الاعتذار عن تقديمه برعاية السجع.

(قوله): «بعد حمد الله» ظرف لقوله: يقول ... إلخ.

(قوله): «والشهادة الناطقة والصلاة والسلام» عطف على حمد الله، والظاهر أن الحمد والشهادة والصلاة حصلت بهذه الألفاظ وأنشئت بها، وهي وإن كانت متأخرة عن الفعل⁣[⁣٤] - وهو يقول - مع أن مقتضى قوله: بعد حمد الله أن يتأخر عنها إلا أنها لما تقدمت على المقول⁣[⁣٥] - أعني «لما كان ... إلخ» - صح كون القول بعدها بهذا الاعتبار =


(١) اللطف في اصطلاح المتكلمين: ما يدعو المكلف إلى امتثال شيء مما كلف به من فعل أو ترك. فيشمل أقسام اللطف الثلاثة: التوفيق، وهو ما يفعل عنده، والعصمة، وهو ما يترك عنده، والمطلق، وهو ما قرّب من الفعل. ويشمل جميع أنواع التكاليف: الواجب والمندوب والمحظور والمكروه. ويخرج ما فعل عنده غير قاصد فاعله كونه مكلفاً؛ لأنه لا يسمى ممتثلاً؛ إذ لم يفعل على الوجه الذي طلب منه. ويخرج الإلجاء بقولنا: (ما كلف به). اهـ من خط سيدي ضياء الدين قدس الله روحه. وهو لفظ شرح القلائد للنجري.

(٢) الآلاء: هي النعم الظاهرة. والنعماء: هي الباطنة كالحواس وما يلائمها. (مطالع).


[١] قوله: «اللطف جنس» المأخوذ من الفعل، فالجنسية في مصدر الفعل. (ح ن).

[٢] إنما يتم التفسير إذا بنى على انحصار اللطف في القسمين وإلا فله قسم ثالث، وهو اللطف المقرب كما ذلك معروف. اهـ من أنظار القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال. (ح).

[٣] لكن إعمال المصدر المعرف قليل، وتقديم معمول الصفة كثير، فأولوية الأول غير مسلمة. (عن خط سيدي محمد بن زيد. اهـ ح).

[٤] قوله: «وهي وإن كانت متأخرة عن الفعل» التأخر عن الفعل لفظاً لا يقتضي التأخر عنه حصولاً، فإن إضافة «بعد» إليه لإفادة تقدمه؛ إذ المعنى يقول العبد لما كان ... إلخ بعد قوله حمد الله والشهادة ... إلخ، ولا إشكال في ذلك. (ح ن). لكن يقال: إن كان إنشاء الحمد وما بعده بهذه الألفاظ كما أشار إليه المحشي فالإشكال باق. أفاده العلامة الجلال. (ح).

[٥] المقول نفس القول، وتقدمه لفظاً لا يغني فيما أراد. (ح ن).