هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الاشتقاق]

صفحة 379 - الجزء 1

  بعضها باعتبار العلم، وأشهرها ما قال الميداني⁣(⁣١): «أن تجد بين اللفظين تناسباً في المعنى والتركيب فترد أحدهما إلى الآخر».

  وقد اعترض بأن الاشتقاق ليس نفس الوجدان، بل الرد عند الوجدان.


(قوله): «بعضها باعتبار العلم» قال السيد المحقق: الاشتقاق عمل مخصوص، وهو الآخذ كما عرفت، فإن اعتبرناه من حيث إنه صادر عن الواضع احتجنا إلى العلم به لا إلى عمله، فاحتجنا إلى تحديده بحسب العلم كما قال الميداني: هو أن تجد بين اللفظين ... إلخ.

والحاصل منه العلم بالاشتقاق، فكأنه قيل: العلم بالاشتقاق هو أن تجد بين اللفظين ... إلخ.

والحاصل منه العلم بالاشتقاق فكأنه قيل: العلم بالاشتقاق هو أن تجد بين اللفظين تناسباً في المعنى فتعرف ارتداد أحدهما إلى الآخر وأخذه منه. وإن اعتبرناه من حيث يحتاج أحدنا إلى عمله عرفناه باعتبار العمل فنقول: هو أن تأخذ من اللفظ مناسبه في المعنى والتركيب.

واعلم أن قول المؤلف: بعضها باعتبار العلم إن كان إشارة إلى ما نقلناه فليس كذلك، بل بعضها باعتبار العمل فقط كالمنقول عن الشريف والجمع، وبعضها ليس باعتبار العلم ولا العمل كالموافقة والاتصال والانتظام، وإن كان إشارة إلى تعريفات أخر بحث عنها إن شاء الله تعالى.

(قوله): «وأشهرها» أي: التعريفات باعتبار العلم، قد عرفت أنه ليس فيما نقلناه ما هو باعتبار العلم حتى يكون ما ذكره المؤلف أشهرها، ولو قال المؤلف: له تعريفات أقربها ما ذكرنا؛ لأنه تعريف للاشتقاق باعتبار العمل، وذلك أنه قد حد الاشتقاق باعتبار العلم كما قال الميداني ... إلخ لكان صواباً. ولم يذكر في شرح المختصر قول المؤلف #: بعضها باعتبار العلم ولا قوله: أشهرها، بل قال: اعلم أن الاشتقاق يحد تارة باعتبار العلم كما قال الميداني. وقد يقال في توجيه كلام المؤلف: إن الحدود المذكورة يجري فيها اعتبار العلم والعمل ولو تقديراً، فنقول في حد ابن الحاجب باعتبار العلم: هو أن تجد بين اللفظين موافقة فرع لأصل بحروفه الأصول ومعناه فترده إليه، وباعتبار العمل هو أن تأخذ من أصل فرعاً يوافقه في الحروف الأصول فتجعله دالاً على معنى يوافق معناه.

وفيما في الكشاف ونجم الأئمة: أن تجد معنى واحداً منتظماً لصيغتين ... إلخ أو أن تأخذ لفظاً من لفظ آخر ينتظمهما معنى واحد أو أن تجد اتصال إحدى الكلمتين بالأخرى ... إلخ، وأن تأخذ إحدى الكلمتين من الأخرى لاتصال بينهما، وحينئذ يستقيم قوله: أشهرها وقوله: وأقربها، والله أعلم.

وقد أشار إلى ما ذكرنا من الاعتبارين شارح المختصر في حد ابن الحاجب.

(قوله): «وقد اعترض بأن الاشتقاق ليس نفس الوجدان بل الرد عند الوجدان» ولهذا الاعتراض قدّر الشريف العلم قبل التعريف حيث قال: العلم بالاشتقاق أن تجد ... إلخ.


(١) بكسر الميم وفتحها. (قاموس). وفي تاريخ ابن خلكان: بفتح الميم وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الدال المهملة وبعد الألف نون، هذه النسبة إلى ميدان زياد بن عبدالرحمن، وهي محلة بنيسابور.