فصل: [في الاشتقاق]
  والجواب(١): أن قولك: «في الحال» إن أردت أنه ظرف للنفي بمعنى أنه يصدق في الحال أنه ليس(٢) بضارب -
(قوله): «إن أردت أنه ظرف للنفي ... إلخ» أي: إن أراد المستدل أنه ظرف للنفي وسلم له ذلك انتهض استدلاله لكنه ممنوع.
وبيان انتهاضه: أن النفي المقيد بالحال أخص من النفي مطلقاً، فيلزم من وجود الأخص وجود الأعم، وهو النفي مطلقاً، وهذا قول المؤلف #: أنه يصدق في الحال أنه ليس بضارب، وصحة النفي دليل المجاز، فيكون إطلاق اسم الفاعل على غير المباشر مجازاً، وهو المطلوب، فأجاب المؤلف بأنه ممنوع، بل هو أول المسألة، أي: عين النزاع.
مقتضى هذا الجواب: أن استدلال المخالف لو لم يمنع لتم وانتهضت حجيته على صحة النفي عن غير المباشر مع أنه غير تام كما ذكره في شرح المختصر؛ لأن استدلاله مبني على أن النفي المطلق يلزم منه النفي عن غير المباشر، فيكون دليل المجاز فيه، وليس كذلك؛ فإن النفي المطلق لا يلزم منه ذلك؛ إذ النفي المطلق لا ينافي الثبوت المطلق؛ إذ لا تناقض بين المطلقين، فلا يكون النفي المطلق من خواص المجاز، إنما الذي يلزم منه النفي عن غير المباشر هو النفي دائماً، لكن النفي دائماً ليس من لوازم النفي المطلق. هذا خلاصة الاعتراض مع توضيح المراد.
والجواب بأن المطلقين يتنافيان لغة للتكاذب بينهما عرفاً لفهم الدوام من الإطلاق عرفاً كما أشار إلى ذلك الشريف في تقرير هذا الجواب.
إذا عرفت ذلك فحينئذ يتوجه الجواب بعد حمل الإطلاق على الدوام بمنع صحة إطلاق السلب لغة؛ لأنه لو أطلق لفهم منه الدوام فلا يصدق السلب في صورة محل النزاع وهو غير المباشر كمنع المخالف ذلك.
هذا تحقيق المقام، ولعله يمكن حمل ما ذكره المؤلف # عليه؛ بأن يكون مراده بقوله: بمعنى أنه يصدق في الحال أنه ليس بضارب يعني في جميع الأوقات لفهم الدوام لغة من الإطلاق فيستقيم الجواب بقوله: فهذا ممنوع، يعني يمنع صدق ذلك لغة، بل هو عين النزاع، والله أعلم، فتأمل.
(١) قوله: والجواب ... إلخ، حاصله: الفرق بين النفي المقيد ونفي المقيد، بأن الأول يستلزم وجود المطلق؛ وذلك لأنه خاص اعتبر من حيث وجوده، ولا كلام في أن وجود الخاص يستلزم وجود العام؛ لحصوله - أي: العام - في ضمن الخاص. والثاني: نفي لشيء مقيد، فهو - أي: المنفي - خاص، ولا يلزم من انتفاء الخاص انتفاء العام، وهو ظاهر، مثل الإنسان والحيوان فإن وجود الإنسان يستلزم وجود الحيوان، ولا يلزم من عدمه عدم الحيوان؛ إذ قد يكون المنفي عنه الإنسانية فرساً، والله أعلم. (من خط قال فيه: من خط سيدي صفي الدين أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بزيادة مفيدة).
(٢) يعني لم يحصل منه ضرب.