هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الاشتقاق]

صفحة 394 - الجزء 1

  العرفية، كما يقال في فعل الحال: فلان يكتب القرآن ويمشي من مكة إلى المدينة، ويراد به أجزاء من الماضي ومن المستقبل متصل بعضها ببعض لا يتخللها فعل يعد عرفاً تركاً لذلك الفعل وإعراضاً عنه، فالمتكلم والمخبر حقيقة لمن يكون مباشراً للكلام مباشرة عرفية، حتى لو انقطع كلامه بتنفس أو سعال قليل لم يخرج عن كونه متكلماً حقيقة، فاللغة لم تبن على المشاحة في أمثال ذلك، وهذا معنى قوله: (ولا امتناع عرفاً).

  واحتجاج أهل القول (الثالث⁣(⁣١)) وهم المفصلون (ظاهر) وهو حجة المشترطين للبقاء في الممكن، والثاني من دليلي النافين في غيره.


= وتحقيق المقام أن شارح المختصر أجاب أولاً بنقض إجمالي بالأفعال الحالية نحو يخبر ويتكلم لا بالمشتقات، ثم أجاب بما هو التحقيق في الجواب، وهو ما جعله المؤلف # هنا سنداً للمنع بقوله: لأن المعتبر ... إلخ. ولفظ شرح المختصر: الجواب أن اللغة لم تبن على المشاحة في أمثال ذلك، وإلا لتعذر فعل الحال في مثل يتكلم ويخير. قال الشريف ما حاصله: يعني لا شك في اشتراط وجود المعنى في الحال لصحة إطلاق تلك الأفعال الحالية التي هي مثل يخبر ويتكلم⁣[⁣١]، فيلزم أن لا تكون حقيقة لامتناع وجود معانيها في الحال بعين ما ذكرتم من الدليل. وخلاصة الجواب: أن الاشتراط كما يستلزم محذوراً في مثل متكلم ومخبر يستلزم في مثل هذه الأفعال محذوراً، فما هو جوابكم فيها فهو جوابنا في مثل متكلم ومخبر. قال: ولما كان هذا الجواب إلزامياً حقق الشارح المقام فقال: والتحقيق أن المعتبر في نحو يخبر ويتكلم المباشرة العرفية كما يقال: يكتب القرآن إلى آخر ما ذكره المؤلف، وقد عرفت مما نقلناه تحقيق كلامه #، والله أعلم.

(قوله): «لا يتخللها فعل» لو قال: لا يتخللها فصل لكان أشمل.

(قوله): «على المشاحة» أي: المضايقة في أن ما تنقضي أجزاؤه شيئاً فشيئاً هل هو باق أم لا، بل يعنون ببقاء المعنى عدم انقضائه بالكلية، حتى إنهم يقولون لمن هو مباشر للأخبار والكلام: إنه مخبر ومتكلم حقيقة وإن المعنى باق غير منقض، وكذلك المتحرك ما دام متوسطاً بين المبدأ والمنتهى.


(١) في شرح ابن جحاف: وحجة الثالث وجوابه وهو القائل بأن المعنى إن أمكن بقاؤه فمجاز وإلا يمكن بقاؤه فحقيقة ظاهران مما تقدم؛ لأن دليله على كون الممكن مجازاً بعد الانقضاء دليل الأول، وجوابه جوابه، وفي كون غير الممكن حقيقة بعد الانقضاء دليل الثاني، وجوابه جوابه. (منه).


[١] يعني اتفاقاً. (ح).