هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[اشتقاق اسم الفاعل لغير ذي المعنى القائم به]

صفحة 396 - الجزء 1

  (قولان) فالمعتزلة⁣(⁣١) ومن وافقهم قائلون بجواز اشتقاقه لشيء ومعناه - وهو الصفة المشتق هو منها - لشيء آخر⁣(⁣٢).

  والأشاعرة ومن وافقهم مانعون عن اشتقاقه لغير من قام به الوصف، والخلاف في مثل قاتل وضارب، وأما نحو ضاحك وباك وقائم وقاعد فلا خلاف فيه.

  احتج (المجيز) أولاً: بأنه ثبت قاتل وضارب لغير من قام به القتل والضرب وهو الفاعل⁣(⁣٣) مع أن القتل قائم بالمفعول؛ لأنه الأثر الحاصل فيه.


(قوله): «والخلاف في مثل قاتل وضارب ... إلخ» هكذا ذكره بعض أهل الحواشي على شرح المختصر قال: محل الخلاف في اسم الفاعل من المتعدي حتى يتصور دعواهم - أي: المعتزلة - جواز اشتقاقه لغير من قام به، وهو ظاهر. انتهى. ومثل ما ذكره المؤلف أشار إليه الإمام المهدي # في المنهاج، وظاهر الفصول جري الخلاف⁣[⁣١] في نحو متكلم، وكذا شرح المختصر حيث قال: خلافاً للمعتزلة فإنهم جعلوا المتكلم الله لا باعتبار كلام هو له، بل باعتبار كلام لجسم يخلقه فيه. انتهى. ولم يذكر الشريف والسعد في الحواشي تحرير محل النزاع بما ذكره.

(قوله): «وأما نحو ضاحك ... إلخ» من كل فعل لازم.


(١) فإنهم جعلوا المتكلم لله تعالى لا باعتبار كلام هو له، بل كلام لجسم يخلقه فيه، ويقولون: لا معنى لكونه متكلماً إلا أنه يخلق الكلام في الجسم. (عضد). وذلك أنه قد ثبت إطلاق المتكلم عليه وقام البرهان على امتناع قيام الكلام له فيلزم القول بأن معنى المتكلم في حقه خالق الكلام في الجسم.

(٢) قال في فصول البدائع ما لفظه: لهم قولان: يشتق باعتبار فعل يقوم بنفسه، فالله مريد بإرادة قائمة بنفسها، ويشتق باعتبار ما يقوم بثالث، فالله متكلم بكلام لجسم يخلقه فيه كجبريل، وهو محل النزاع هاهنا، وإنما يذهبون إليه إذا ثبت الاتصاف وامتنع القيام؛ فلا يرد أنه لو صح لزم أن يكون الله أسود ومتحركاً وغيرهما لخلقها⁣[⁣٢]، والله أعلم.

(٣) قوله: «وهو الفاعل» أي: غير من قام به القتل والضرب هو الفاعل.


[١] قال في حواشيها: وذلك كمتكلم فإنه يوصف به تعالى، وإن لم يكن الكلام قائماً به تعالى لإيجاده إياه في جسم كالشجرة، ولا يوصف به ذلك المحل فلا يقال للشجرة متكلمة. وقالت الأشعرية: يجب أن يشتق منه اسم لمحله ولا يصح الاشتقاق منه لغيره ومحل الخلاف في متكلم في حقه تعالى قيل: متكلم حقيقة أو المتكلم الشجرة بكلام أوجده الله فيها. (حواشي فصول للشيخ من خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).

[٢] في المطبوع: لخلقه. والمثبت من فصول البدائع.