[ذكر سبب التأليف]
  الأستار، وكل ذلك(١) لطالب الفن غير كاف، والحاجة إلى إبراز معرفة وجوه المسائل كالحاجة إلى الأطراف(٢) - عَنَّ لي أن أجمع كتاباً في الأصول كافلاً بما يجب من إيراد المعتمد من الحجج كلها، حاوياً لما يتشبث به المخالف من الشبه وحلها، معياراً للترجيح بين الأقاويل والدلائل، مجزياً مقنعاً للناظر في أصول القواعد وفصول المسائل، فأخذت في ذلك مع ما أنا فيه من الاشتغال بإطفاء نار الفتن العظيمة الاشتعال من البغاة على أهل التوحيد والعدل، والنفاة لفضائل أولي الفضل(٣)، فلما فرغت منه بعون الله على الشرط المذكور بعد مضي أعوام
(قوله): «كافلاً وقوله: المعتمد ومعياراً ومجزياً ومقنعاً وفصول المسائل والتنقيح والتوضيح والتلويح» هذه أسماء كتب مشهورة ففي ذكرها تورية لطيفة.
(قوله): «نار الفتن» هو كلجين الماء، أي: فتن كالنار، فيكون الإطفاء ترشيحاً للتشبيه[١]. ولا يستقيم في هذا اللفظ استعارة بالكناية كما لا يخفى.
(قوله): «العظيمة الاشتعال»: لا يخفى ما بين الاشتغال بالغين المعجمة والاشتعال بالمهملة من الجناس المضارع.
(قوله): «من البغاة» لعله حال من نار الفتن، أي: بإطفاء نار الفتن ناشئة أو كائنة من البغاة، يريد بذلك # الإشارة إلى ما كان فيه من المصابرة والجهاد في أرض اليمن حتى ظهر الحق وأهله، وانطمس أثر الباطل وهلك حزبه، وللمؤلف # في ذلك المواقف العظيمة والمشاهد الشهيرة والملاحم الكبيرة، كما ذلك معروف لمن له أدنى مطالعة في السير، فجزاه الله عنا وعن المسلمين أفضل ما جزى به الأئمة الهادين، ولقد حوى كتابه # من التحقيق والتدقيق مع تلك الشواغل مما لم يسمح بمثله فكر المتأخرين، وما ذلك إلا لإعانة إلهية ومواهب ربانية.
(١) من قوله: (كل ذلك) ... إلى قوله: (الأطراف) نسخة.
(٢) تشبيه مقلوب، ولعل النكتة فيه المبالغة في الحاجة إلى الأطراف حتى كأنها هي الأصل الذي يشبه به، والله أعلم. (من أنظار السيد هاشم |).
(٣) يوجد في نسخ بعد هذا: (فكلما توجهت للبحث في الكتب والمطالعة، وسرحت النظر في الحواشي للمراجعة - عرض ما يوجب صرف الوجه نحو الحرب عن حوزة الإسلام والمدافعة)، ولا يخفى ما في قوله: (صرف الوجه نحو الحرب) من اللطافة.
[١] قوله: «فيكون الإطفاء ترشيحاً للتشبيه» صرح بثبوت الترشيح للتشبيه في رسالة الاستعارة. (من خط سيدي أحمد بن محمد ح).