هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الترادف]

صفحة 404 - الجزء 1

  والإراحة، وهما من باب صفة الذات. وكالناطق والفصيح من باب صفة الذات وصفة صفتها. وكالناطق بمعنى مدرك المعقولات والفصيح من باب جزء الذات وصفة صفتها، وغير ذلك كثير.

  وهذه تكلفات بعيدة لم يقم عليها دليل، ولا يمكن إجراؤها في جميع المواضع.

  قالوا: لو وقع المترادف⁣(⁣١) للزم العبث، واللازم باطل، أما الشرطية فلأن واحداً كافٍ في الإفهام، فلا فائدة لوضع الآخر، وأما الاستثنائية⁣(⁣٢) فظاهرة.

  والجواب: بمنع الملازمة، وإنما يلزم ذلك لو كانت الفائدة منحصرة في إفهام المعنى، وليس كذلك؛ إذ التوسعة فائدة يقصد إليها لوجوه، منها: كثرة الذرائع في المقصود⁣(⁣٣) فتكون أفضى إليه، ومنها: تيسير النظم والنثر؛ إذ قد يصلح


(قوله): «وكالناطق بمعنى مدرك المعقولات» كما هو المراد في ماهية الإنسان، فإذا قيل: الإنسان حيوان ناطق كان المراد به مدرك المعقولات، فيخرج به ما لا يعقل.

(قوله): «من باب جزء الذات» فإن الناطق جزء ذات الإنسان والفصيح صفة صفتها، وهو الناطق بمعنى اللافظ.

(قوله): «وغير ذلك كثير» كالسيف والصارم والمهند والرسوب والمخذم، فهذه عند المانع صفات للسيف، ذكره في شرح الجمع.

(قوله): «ولا يمكن إجراؤها» أي: هذه التكلفات «في جميع المواضع» كما في بهتر وبحتر وصلهب وشوذب.

(قوله): «وأما الاستثنائية» المشار إليها بقوله: واللازم باطل «فظاهر» لأن الواضع حكيم إن كان هو الله تعالى⁣[⁣١]، وإن كان غيره فكذلك؛ لأن هذه اللغات المشتملة على اللطائف الكثيرة والدقائق الغزيرة لا تتأتى إلا من حكيم له نوع اطلاع عليها.

(قوله): «فتكون أفضى إليه» ضمير يكون عائد إلى التوسعة، أي: تكون التوسعة في التعبير أفضى إلى المقصود؛ لإمكان التوصل إليه بأحد المترادفين عند نسيان الآخر.

(قوله): «ومنها تيسير النظم ... إلخ» جعل المؤلف قوله: ومنها تيسير النظم ... إلخ من وجوه التوسعة. والذي في شرح المختصر وشرح الفصول للشيخ العلامة جعلها وجوهاً مستقلة بياناً للفوائد في وضع المترادف. ولفظ شرح المختصر: بل للمترادف فوائد، منها: التوسعة في التعبير ... إلخ، ومنها تيسير النظم ... إلخ، والظاهر ما فعل المؤلف #؛ فإن في تيسير النظم والنثر والتجنيس والمطابقة توسعة عند التحقيق.


(١) في (ب): الترادف.

(٢) وهي المحذوفة، تقديرها: لكنه لم يلزم العبث فلم يقع الترادف، إلا أنهم اصطلحوا على وضع واللازم باطل موضعها قصداً للاختصار.

(٣) في نسخة: إلى المقصود.


[١] يمكن أن يقال: بل لو كان الواضع هو الله تعالى؛ إذ وضعه باعتبار الشرع غير وضعه للغات، والله أعلم. (حبشي).